للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو زيد: من أمثالهم: لا تكن حلواً فتُسترط ولا مراً فتعفى أي تلفظ من المرارة.

زمثله قول مطرف بن الشخير: الحسنة. بين السيئتين، وخير الأمور أوسطها.

وكان يقال: لا تهذر في منطقك، ولا تخبر بذات نفسك، ولا تغتر بعدوك، ولا تفرط في حب صديقك، ولا تفزع إلى من لا يرحمك، ولا تألف من لا يرشدك، ولا تبغض من ينصح لك، فإن شر الأخلاق ملالة الصاحب، وتقريب المتباعد.

وأنشدني أحمد بن يحيى للمقنع الكندي:

وكن معدناً للحلم، واصفح عن الأذى ... فإنك راءٍ ما علمت وسامع

وأحبب، إذا أحببت، حباً مقارباً، ... فإنك لا تدري متى أنت نازع

وأبغض إذا أبغضت غير مباعد، ... فإنك لا تدري متى أنت راجع

وأنشدني أحمد بن يحيى لسعيد المساحقي:

فهونك في حب وبغض فربما ... يُرى جانب من صاحب بعد جانب

وسمعت عبد الله بن عبد الله بن طاهر ينشد هذين البيتين، وأحسبهما له:

إذا أنا أكرمت اللئيم، فعدني ... مهيناً له، حققت باطل ما عدَّا

فإن صلاح الأمر يرجع كله ... فساداً إذا الإنسان جزت به الحدَّا

وهذا طويل يقنعك منه القليل. وأما طول الزيارة، فقد يجب على أهل الصداقة ترك المداومة عليها، وكثرة الجنوح إليها، فإن ذلك يخلق الحب، ويذهل الصبّ، ويُضجر

<<  <   >  >>