للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علامة ذل الهوى ... على العاشقين البكا

ولا سيما عاشق ... إذا لم يجد مشتكى

فقال لها الفتى: أحسنت، والله، يا ستي، أتأذنين لي أن أموت؟ قالت: مت راشداً؛ فوضع رأسه على الوسادة، وغمض عينيه، فحركناه فوجدناه ميتاً. قال الشيخ: فخرجنا متعجبين من ذلك، وصرت إلى منزلي، فأعلمتهم ما كان من قصة الفتى، ونظرت إلى ابنتي، وقد حاضرت، فدخلت مجلساً لي، فدخلت وراءها، فإذا هي متوسدة على مثال ما كان عليه الفتى، فحركتها فإذا هي ميتة، فغدونا بجنازتها، وغدوا بجنازة الفتى، فإذا بجنازة ثالثة، فسألنا عنها، فإذا هي جنازة القينة، وبلغها موت ابنتي، فصنعت مثل ذلك، فماتت. فدفنا ثلاثة بموت واحد في موضع واحد. وهذا من عجيب ما سمع به في هذا الأمر.

[حديث الجاحظ عن قتلى الحب]

ومن ذلك ما أخبرني أبو العيناء قال: حدثني عمرو بن بحر الجاحظ قال: ذكرت لأمير المؤمنين المتوكل لتأديب ولده، فلما نظر إليّ استبشع منظري، وأمر لي بعشرة آلاف درهم، وصرفني فخرجت، فلقيت محمد ابن إبراهيم، وهو يريد الانحدار إلى مدينة السلام، فعرض علي الانحدار معه، وقربت حراقته، ودعا بطعامه وشرابه، ونصب ستارته، وأمر بالغناء فاندفعت عوادة له تتغنى:

كل يوم قطيعة وعتاب، ينقضي دهرنا، ونحن غضاب

ليت شعري أنا خصصت بهذا ... دون ذا الخلق أم كذا الأحباب

<<  <   >  >>