للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في أعور غَمَّتْ حدقته السليمة حُمرةٌ إلاَّ يسيرَ بياضٍ كالخطِّ الدائر بها؛ وقاله ارتجالاً:

لم ترَ عَيْني مثلَ عينٍ غدتْ ... لا تعرفُ السُّهدَ من الغمضِ

فازتْ يدُ الدَّهر بتفريقها ... من كلِّ مُسودٍّ ومُبيضِّ

وأبقتِ الأيَّامُ أُختاً لها ... ناكسةَ الرأس إلى الأرضِ

كأنَّها من حُمرةٍ وردةٌ ... قد طُوِّقتْ بالسَّوسنِ الغضِّ

وقال في صديق كان يُداجيه:

ومُستبطنٍ حِقداً وفي حَركاته ... تصنُّعُ مظلومٍ يذِلُّ لظالمِ

تصدَّى لإيناسي بحِيلةِ فاتكٍ ... ولاحَظَني خوفاً بطرفٍ مُسالمِ

تستَّرَ عن كشفِ العداوة جاهداً ... كما كمنتْ في الرَّوض دُهمُ الأراقمِ

ومن شعره يصف إشبيلية من قصيدة:

أجلْ فديتُكَ طرفاً في محاسنِها ... تُبصرْ وحقِّكَ منها آيةً عَجَبا

قُطر تكنّفهُ من جانبَيْه معاً ... مصانعٌ تحملُ الأنداءَ واللَّهَبا

زُهرُ الوجوه كأنَّ البدرَ جرَّ على ... حيطانها البيضِ من أنوارِهِ عَذَبا

والنَّهر كالجوِّ راقَ العينَ بَهجتُهُ ... تهزُّ منه الصَّبا هنديةً قُضُبا

تراهُ من فضَّةٍ حيناً فإنْ طلعتْ ... عليه شمسُ الضُّحى أبصرتَهُ ذَهَبا

صفا وراق فلولا أنَّه نَهَرٌ ... أمسى سماءً يُرينا في الدُّجى شُهُبا

كأنَّما الجوُّ مرآةٌ به صُقلتْ ... زرقاءُ تحسبُ فيها زَهرها حَبَبا

ما روضةُ الحَزْنِ حلَّى القطرُ لَبَّتها ... ومدَّتِ الشَّمسُ في حافاتها طُنُبا

يوماً بأبهجَ مرأًى منه إنْ رقصتْ ... حدائقُ الحسنِ في أرجائِهِ طَرَبا

وكانت بينه وبين الخطيب أبي الربيع ابن سالم مكاتبات، ووجه إليه

<<  <   >  >>