للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان في أول ذي القعدة اجتمع الحنفي بالسلطان وقرر معه أنه ينفى إلى بعض البلاد الحلبية، ثم أرسل ناظر الجيش في خامس ذي القعدة إلى التفهني وكاتبه، فأصلح بينهما وأرسل لكل منهما بغلة.

وفي الثامن من ربيع الأول قرر جمال الدين يوسف السمرقندي في قضاء حلب عوضاً عن شمس الدين ابن أمين الدولة بحكم عزله، وكان هذا قدم في أواخر دولة المؤيد فاعتنى به الظاهر ططر وهو أمير، وأعانه على الحج، وقرره في عدة وظائف بحلب، فتوجه إليها وباشرها إلى أن وقع بينه وبين القاضي المذكور، فرتب عليه من يشهد عليه بأمر صدر منه، وذلك بالمدرسة السارخية في سوق النشاب ففر خفية منها، فقدم القاهرة وشكا حاله للسلطان فعزل القاضي وقرره مكانه، فلما بلغ القاضي ذلك وصل إلى القاهرة، فقام معه بعض الرؤساء فما أفاد، وأمر بعوده إلى حلب بطالاً.

وفي سابع ذي الحجة ثار جماعة على المحتسب وهو القاضي بدر الدين العيني بسبب إهمال أمر الباعة وشدة غلاء الخبز مع رخص القمح. ورفعوا للسلطان فلم يأخذ لهم بيد بل ضرب جماعة منهم وهدد جماعة وحبس نحو العشرة، فعدم الخبز من الحوانيت وتزاحموا على الأفران، ثم تراجع الحال، وكثر الخبز مع زيادة السعر في الشعير والقمح والفول - وكان ما سيأتي ذكره في أول السنة.

وفي الثالث والعشرين من ذي الحجة وصل بالمبشر من الحاج وأخبروا بالرخاء الكثير في الحجاز، وأنه نودي بمكة أن لا تباع البهار إلا على تجار مصر، وأن لا يكون البهار إلا بهار واحد، وأخبر بأن الوقفة كانت يوم الاثنين وكانت بالقاهرة يوم الأحد، فتغيظ السلطان ظناً منه أن ذلك من تقصير في ترائي الهلال، فعرفه بعض الناس أن ذلك يقع كثيراً بسبب اختلاف المطالع؛ وبلغني أن العيني شنع على القضاة بذلك السبب فلما اجتمعنا عرفت السلطان أن الذي وقع يقدح في عمل المكيين عند من لا يرى باختلاف المطالع، حتى لو كان ذلك في رمضان للزم المكيين قضاء يوم، فلما لم يفهم المراد سكن جأشه،

<<  <  ج: ص:  >  >>