للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معاشرة غير المسلمين

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا طالب مسلم، وأنا أعيش حالة ضياع بين مصاحبة المسلمين وغير المسلمين. ففي أيام الجمع عادة، فأنا أبقى مع المسلمين، أما في باقي أيام الأسبوع، فأبقى مع غير المسلمين في الجامعة. ومشكلتي هي أني أميل إلى قضاء جزء كبير من وقتي مع غير المسلمين. ومع وجود الإغراءات من حولي، فأنا لا أعرف كيف أفعل مع النساء. أنا لا أشرب الخمر، ولا أدخن، لكن عندما يتعلق الأمر بالنساء، فإني أصبح ضعيفا. وبسبب مواقفي الإسلامية، فإن الفتيات يجدنني لطيفا بالمقارنة مع أصدقائي الآخرين. وأنا أتمنى لو أني أعرف بعض الأخوات المسلمات، اللآتي أحترمهن حقا، لأتمكن من التحدث إليهن (من منظور إسلامي) ولا أضطر عندها لأن أقضي وقتي مع الفتيات غير المسلمات. كنت أحاول منذ وقت طويل، لكن أحيانا يكون مجرد المحاولة لا يكفي. فبماذا تنصحني؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سؤالك يدل على وجود الخير في قلبك ومحبتك له وحرصك ورغبتك في الالتزام الكامل بما أمر الله عز وجل به.

وقد ذكرت في سؤالك عدة قضايا:

الأولى:

أنك تخالط المسلمين وغير المسلمين , فاعلم يا أخي أن علاقة المسلم مع المسلمين تختلف عن علاقته مع غيرهم , وذلك أن المسلم يجب عليه أن يوالي أخاه المسلم , بأن يكن له المحبة القلبية والتقدير والاحترام , كما قال الله عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة / ٧١ ولإخوانك المسلمين عليك حقوق يجب أن تؤديها إليهم , وليس هذا المقام مقام بيانها وبإمكانك الإطلاع على بعضها في إجابة السؤال رقم: ١١٤١٣.

أما غير المسلم فالواجب على المسلم أن يتبرأ منه , ولا يُكِن له أي مودة قلبية , كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) الممتحنة / ١. وقال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة / ٤.

ولكن هذا لا يمنعه من التعامل معه بأسلوب حسن ترغيبا له في الإسلام , على أن يكون ذلك وفق الضوابط الشرعية , كما قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة / ٨.

وعلى المسلم أن يحرص كل الحرص على دعوة غير المسلمين إلى الإسلام بكل الوسائل الشرعية الممكنة , والتي يرجى معها النفع والاستجابة , كما قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل / ١٢٥.

وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت /٣٣.

وروى مسلم في "صحيحه" (٢٦٧٤) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ".

الثانية:

أنك تميل إلى قضاء جزء كبير من وقتك مع غير المسلمين , وقد عبرت عن ذلك بأنه مشكلة , وهو كذلك بالفعل , لأن مخالطة المسلم لغير المسلمين وفي مجتمع غير إسلامي مع الميل إليهم , هذا مما يؤثر على الإنسان في عقيدته ودينه وخلقه (لا سيما وقد ذكرت في سؤالك بأنك لا تشرب الخمر ولا تدخن _ وهذا من فضل الله عليك _ مما يفهم منه وقوع مثل هذه الأشياء من أولئك القوم) ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من مخالطة ومعاشرة غير المسلمين , فقد أمر الله عز وجل بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام , كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً.إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) النساء /٩٧_ ٩٨.

وروى أبو داود في "سننه" (٢٦٤٥) والترمذي في "جامعه" (١٦٤٠) من حديث جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ". قالوا: يا رسول الله، ولم؟ قال: " لا ترايا ناراهما ". والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (١٢٠٧) .

قال ابن القيم في "تهذيب السنن" (عون _ ٧/٣٠٤) : (والذي يظهر من معنى الحديث: أن النار هي شعار القوم عند النزول وعلامتهم , وهي تدعو إليهم , والطارق يأنس بها , فإذا ألم بها جاور أهلها وسالمهم , فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرة , فإنها إنما توقد في معصية الله , ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه , فكيف تتفق الناران , وهذا شأنهما؟! وهذا من أفصح الكلام وأجزله , المشتمل على المعنى الكثير الجليل بأوجز عبارة) ا. هـ.

وروى أبو داود (٢٧٨٧) من حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ". ورواه الحاكم (٢/١٤١) بإسناد آخر عن سمرة ولفظه: " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا ". والحديث حسنه الألباني في "الصحيحة" (٢٣٣٠) بمجموع طريقيه.

وروى الإمام أحمد (٤/٣٦٥) والنسائي (٤١٧٧) من حيث جرير قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع , فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك , واشترط علي , فأنت أعلم. قال: " أبايعك على أن تعبد الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتناصح المسلمين , وتفارق المشرك ". والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (٦٣٦) .

فهذه النصوص تدل على أن الأصل في المسلم أن لا يقيم مع الكفار في بلادهم , وأن الواجب عليه الانتقال منها إلى بلاد الإسلام , ويستثنى من ذلك من كانت إقامته لضرورة , ولكن الضرورة تقدر بقدرها , فعلى المسلم أن يكون مع أولئك بقالبه لا بقلبه، وعليه أن يجتنب مخالطتهم بدون حاجة.

فالواجب عليك يا أخي أن تبحث عن رفقة صالحة من المسلمين يعنونك على تعلم دينك والاستقامة عليه , وعليك أن تستغل أوقات فراغك بقراءة القرآن , وقراءة الكتب النافعة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وفي أحكام الدين وآدابه وأخلاقه , وبذكر الله عز وجل , قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (٨٦) وهو يعدد فوائد الذكر: (أنه أيسر العبادات , وهو من أجلها وأفضلها , فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها , ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة , بل لا يمكنه ذلك) ا. هـ.

ويمكنك أيضا أن تشغل وقتك بالاستماع إلى الأشرطة النافعة , وبتصفح المواقع المفيدة على شبكة "الانترنت".

وإن مما يعينك على الانصراف عن مخالطة غير المسلمين: تذكر أن هؤلاء الكفار _ وإن كانت معاملتهم حسنة ولهم حسنات _ إلا أنهم قد جمعوا جملة من المنكرات العظيمة واحد منها كفيل بأن يحبط كل عمل عملوه , ومن تلك المنكرات ما يعتقده النصارى _ مثلا _ من أن الله ثالث ثلاثة، كما قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة / ٧٣.

وبقية الملل الكفرية كلها تجعل لله شريكا , أو لا تؤمن بوجود الإله أصلا.

والكفار عموما لا يؤمنون بالقرآن ولا برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , بل يكذبون بالقرآن ويكذبون بنبينا صلى الله عليه وسلم , فكيف يميل إليهم المسلم مع كفرهم وضلالهم.

فهم وإن أعطوك شيئا من حقك بمعاملتك بالحسنى فقد سلبوا الله حقه وسلبوا القرآن حقه وسلبوا نبينا صلى الله عليه وسلم حقه , وحق الله وحق كتابه وحق نبيه أعظم من حقنا الشخصي , فتذكر هذا، فإنه ممن يعينك على بغضهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده , كما سبق في الآية الكريمة: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة / ٤.

ولكن نؤكد على أنه لا مانع من أن يحسن المسلم إليهم وفق الضوابط الشرعية , لا سيما إذا كانوا ممن يحسنون إلينا , فقد قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ) الرحمن / ٦٠.

الثالثة:

مخالطتك للفتيات غير المسلمات , ورغبتك في التعرف على فتيات مسلمات , اعلم يا أخي أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (٤٤٠) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ".

قال النووي في شرح صحيح مسلم (٤/١٥٩) : (والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم) ا. هـ

وروى البخاري في "صحيحه" (٨٣٧) من حديث أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه , ومكث يسيرا قبل أن يقوم. قال الزهري: فأرى _ والله أعلم _ أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم.

فإذا كانت المساجد التي هي أشرف المواضع قد جاءت الشريعة بفصل الرجال عن النساء فيها فغيرها من باب أولى.

وأيضا التعليم الذي هو أسمى المقاصد , ومع هذا فقد راعت الشريعة فيه فصل النساء عن الرجال، روى البخاري (١٠١) ومسلم (٢٦٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: " اجتمعن يوم كذا وكذا " فاجتمعن، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ... الحديث , واللفظ لمسلم.

وروى مسلم (٨٨٥) من حديث جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن.

ومن الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الباب أن الله عز وجل أمر الرجال والنساء بغض البصر , فالمسلم لا يجوز له أن ينظر إلى امرأة أجنبية عنه , وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى أجنبي عنها , قال الله تعالى:) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) الآية النور / ٣٠ _ ٣١.

وروى مسلم في "صحيحه" (٢١٥٩) من حديث جرير بن عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني صلى الله عليه وسلم أن أصرف بصري.

وروى أبو داود (٢١٤٩) والترمذي (٢٧٧٧) من حديث بريدة بن الحصيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ". والحديث حسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص:٧٧) .

وأيضا جاءت الشريعة بالنهي عن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية , وجاءت بالمنع من مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، وغير ذلك من الأحكام التي لا يتسع المقام لبسطها [للاستزادة بإمكانك مراجعة أجوبة الأسئلة التالية: ٢٤٥٩، ٢٩٨٦، ٩٩٨٩] .

وهذه الأحكام تنطبق على المرأة المسلمة وغير المسلمة ما لم تكن من محارم الرجل.

وعليه يا أخي فالواجب عليك أن تبتعد عن مخالطة النساء الأجنبيات وإن كن مسلمات , وأن لا تستجيب إلى ما يوقعه الشيطان في قلبك من نزغات , من إعجاب بعض الفتيات بك ونحو ذلك , واجعل تحقيق رضى الله هو غايتك , روى الترمذي (٢٤١٤) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ". والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (٢٣١١) .

أخي اعلم أنك قد تجد صعوبة في تطبيق ذلك في بادئ الأمر , ولكن عليك أن تجاهد نفسك , فقد قال تعالى:) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت / ٦٩.

وعليك أن تصبر وتصابر وتحتسب , كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران / ٢٠٠.

واعلم أنك إذا حرصت على تقوى الله فإنك في النهاية سوف تجد لك مخرجا من كل ضيق , كما قال تعالى: (ِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق / ٢.

وسوف يسهل عليك كل ما كنت تجده صعبا , فالله عز وجل وجل يجعل الحَزْن إذا شاء سهلا.

وأيضا سوف يعرف عنك الآخرون التزامك بما أمرك به دينك , مما يجعلهم يحترمون ذلك منك ويقدرونه لك.

وفي الختام أوصيك بالإكثار من دعاء الله عز وجل , لاسيما في أوقات الإجابة ومواضعها , كالسجود وقبل السلام من الصلاة وفي الثلث الأخير من الليل , وبين الأذان والإقامة , فأدعو الله بأن يثبتك على الإسلام , واستعن بالله على التمسك بأوامره والبعد عن معاصيه , واسأل الله أن يجعل لك من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرجا , والله معك.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>