للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التوكل والأخذ بالأسباب

[السُّؤَالُ]

ـ[حصل نقاش حول مسألة التوكل والأخذ بالأسباب، وتوكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس، ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة. فأيدونا في ذلك بارك الله فيكم.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

"التوكل يجمع الأمرين، فالتوكل يجمع شيئين:

أحدهما: الاعتماد على الله، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن قَدَره نافذ، وأنه قَدَّر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى.

الشيء الثاني: تعاطي الأسباب، فليس من التوكل تعطيل الأسباب، بل من التوكل الأخذ بالأسباب، والعمل بالأسباب، ومن عَطَّلها فقد خالف شرع الله وقَدَرَه، فالله أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وتعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك.

فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب، بل لا يكون متوكلاً على الحقيقة إلا بتعاطي الأسباب، ولهذا شُرِعَ النكاح لحصول الولد، وأمر بالجماع، فلو قال أحد من الناس: أنا لا أتزوج وأنتظر ولداً من دون زواج، لعُد من المجانين، فليس هذا أمر العقلاء، وكذلك لا يجلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات ويتحرى الأرزاق تأتيه، بل يجب عليه أن يسعى ويعمل ويجتهد في طلب الرزق الحلال.

ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب؛ فقد قال الله لها: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) مريم/٢٥، هزت النخلة وتعاطت الأسباب حتى وقع الرطب، فليس من عملها ترك الأسباب، ووجود الرزق عندها وكون الله أكرمها وأتاح لها بعض الأرزاق وأكرمها ببعض الأرزاق لا يدل على أنها معطلة الأسباب، بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب.

وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئاً من الكرامات فهذا من فضله سبحانه وتعالى، لكن لا يدل على تعطيل الأسباب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ) رواه مسلم (٢٦٦٤) ، وقال الله سبحانه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الفاتحة/٥" انتهى.

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (١/٣٦٤) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>