للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يمكن أن يعيش المسلمون بسلام في فلسطين

[السُّؤَالُ]

ـ[أتكلم راجياً التصحيح، طبقاً للكتاب المقدس (الإنجيل) ليس هناك بلد يسمى إسرائيل، فقط فلسطين، وكلا الشعبين العربي واليهودي من نسل سيدنا إبراهيم، وفي الحقيقة هم أخوة، فلماذا لا يعيشون في انسجام في بلد يدعى فلسطين؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال الفقرات التالية:

- لا شك أن نبي الله إبراهيم كان موحدا حنيفا ولم يك من المشركين الكافرين , واليهود وإن كانوا من نسل إبراهيم عليه السلام إلا أنهم خالفوا ملة إبراهيم فأشركوا بالله وزعموا أن عزيرا ابن الله وقالوا إن الله بخيل ويده مغلولة وقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء وقالوا إن الله لما خلق السماوات والأرض في ستة أيام تعب فاستراح يوم السبت - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - وشبّهوا في صفات الله وقتلوا الأنبياء.. إلخ انحرافاتهم.

- فإذا تقررت هذه المفارقة والمخالفة فلا أخوة بين مؤمن موحد وبين كافر مشرك كما قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) .. لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦) ، سورة الممتحنة، وإذا تقررت هذه المفاصلة والعداوة فإن العداء والبراء وما يلزمه من جهاد لأعداء الله أمر لا انفكاك عنه، فما دام أن سنة الله تعالى وحكمته قضت أن ثمة مؤمن وكافر. فلا بد من وجود هذه العداوة وظهورها ولن تجد لسنة الله تبديلا.

- ثم إنه لا يمكن أيضا الانسجام مع يهود غاصبين معتدين - آذوا وظلموا وعُرفوا بالغدر والخيانة والإفساد في الأرض قديما وحديثا - وبين أصحاب الأرض المسلمين الموحدين الذين قتل اليهود رجالهم وسجنوا أبناءهم وهدموا بيوتهم وغصبوا أرضهم وحاربوهم في أرزاقهم، وأجروا التجارب الكيميائية والإشعاعية على سجنائهم واستأصلوا منهم أعضاء بشرية لمصلحة بعض المرضى اليهود.. إلى آخر أنواع الظلم والاضطهاد.

- وبالإضافة إلى ذلك فاليهود أهل غدر وخيانة، ولا يمكن الوثوق بهم إطلاقا، وسلوكهم الحالي من الشواهد والأدلة على ذلك، فهل هناك اتفاقية أو معاهدة عقدوها فوفّوا بها، وهذا ليس باكتشاف أو مفاجأة للمسلم الذي يعرف ماذا قال الله في كتابه عن اليهود، قال ربنا عزّ وجلّ: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٠) سورة البقرة.

- ثم لو رضي المسلمون أن يعيشوا مع اليهود سلميا فلمن سيكون الحكم؟ إن من القواعد الإسلامية أنّ الإسلام يعلو ولا يُعلى، ومن شرط إقامة أهل الكتاب مع المسلمين في بلد المسلمين أن يلتزم اليهود أو النصارى بشروط أهل الذمّة مقابل الأمان والحماية التي يمنحها لهم المسلمون، ومن أهم شروط أهل الذمة أن لا يُفشي الكتابيون شركهم وكفرهم في بلد المسلمين لا بالقول ولا بالفعل.

- وحيث أن المسلمين واليهود كيانان متنافران ومتعاديان دينيا وعقديا فإنه لا يُمكن اجتماعهما معا إلا أن يرضخ أحدهما للآخر بالقوة بل إن اليهود الآن لا يسمحون للمسلمين بالبقاء ولو لم يقم المسلمون بأي عمل استفزازي ولذلك ينزعون ملكية أراضي المسلمين بالقوة ويبنون مستوطناتهم عليها ويريدون طرد المسلمين بأي طريقة وقد شرّدوا الملايين منهم إلى الدول المجاورة التي أقيم بها ما يُعرف بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

- وأخيرا فإن كون المسلمين الآن في مرحلة استضعاف وذلّ - بسبب تخلفهم عن دينهم - وكونهم لا يستطيعون قتال اليهود واسترجاع الأراضي المغتصبة وفرض أحكام الشريعة الإسلامية على أرض فلسطين فإن ذلك لا يعني أن الأمر سيستمر هكذا إلى نهاية الدنيا بل لا بدّ أن يتغيّر الحال ومن أدلة ذلك الخبر المستقبلي الذي أخبرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي من ربّه فلا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال عليه الصلاة والسلام:

" تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ. " رواه مسلم ٢٩٢١ والحديث في البخاري ٢٩٢٦

وفي رواية لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ الَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ. " رواه مسلم ٢٩٢٢

ونحن إذ نشكرك أيها السائل على رغبتك في معرفة الحقيقة وأدبك في السؤال فإننا ندعوك للإيمان بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فإنها - واللهِ - تنجيك وتنفعك وتحفظك في الدنيا، وفي القبر بعد الموت، وفي الآخرة يوم يقوم الحساب، والله يوفقنا وإياك لكل خير.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>