للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد معاونة في " الإعجاز العلمي " في القرآن ليستعمله في دعوة الكفار

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا مؤمن - بلا شك - أن القرآن الكريم الذي بين أيدينا اليوم هو نفسه الذي كان أُنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز: (إنّا نحن نزلنا الذِّكْر وإنّا له لحافظون) . أقول ذلك لأن عندي بعض الأصدقاء الكفرة، وأود أن أتكلم معهم في " فضائل الإسلام "، على أمل أن يسلموا، وإن أحد الأمور المهمة التي أريد طرحها لهم عن الإسلام هي عن معجزات القرآن الكريم , مثل أن أقول لهم: إن القرآن الكريم الذي بين أيدنا هو نفسه الذي كان قبل ١٤٢٩ سنة , فأقول لهم: إن القرآن الكريم يُثبت أنه لا يوجد تشابه بين بصمتين لأصبعين في العالم , وأقول لهم أيضا الكثير من العلوم الحديثة التي تم اكتشافها، مثل كروية الأرض، أنه قد أثبتها القرآن الكريم , والكثير من المعجزات. فكيف لي أن أُثبت أصالة القرآن الكريم لأنني أشعر أن أحدهم سيجادل ويقول: إن أحداً ما قد أدخل على القرآن مثل تلك الحقائق؟ . وجزاكم الله خيراً على الإجابة سلفاً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نشكر لك أخي السائل حرصك على الخير، وعلى هداية الناس لهذا الدين العظيم، ونبشرك أن ما تفعله هو من أجلِّ العبادات، والطاعات، وهو مما يميز هذه الأمة الخيِّرة، أن جعلها الله تعالى آمرة بالمعروف، وناهية عن المنكر، قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران/ ١١٠.

فاستمر – بارك الله فيك – على نشر الخير في الأرض، وابذل ما تستطيع من جهد لهداية من ضل عن الطريق.

وفي الوقت نفسه ننبهك إلى ضرورة طلب العلم، والسعي في تحصيله؛ لأن ما تقوم به هو من مهمات الأنبياء، ولا بدَّ لمن قام بهذا الجهد أن يكون على دراية بما يتكلم به، وخاصة أنك تتكلم في شرع الله، وهو ما ينبغي التأني فيه حتى تتقن العلوم الشرعية، وخاصة المتعلقة بموضوع الدعوة، وهو المسائل العلمية في الإعجاز القرآني.

ثانياً:

ينبغي أن نتنبه في سياق الكلام عن " الإعجاز العلمي " في القرآن الكريم إلى أمور منهجية مهمة:

١. القرآن الكريم كتاب هداية، احتوى على ما يُصلح حال الفرد، والأسرة، والمجتمع، والدولة، وهو ليس كتاب " كيمياء "، أو " جيولوجيا "، أو " طب "، وما فيه من إشارات لعلوم الطبيعة لا ننكرها، لكن لا نعطيها أكبر من حجمها.

وإعجاز القرآن في أصله هو إعجاز لغوي، بياني، ومن هنا فقد تحداهم النبي صلى الله عليهم بالإتيان بمثله، فعجزوا، مع أنهم أهل فصاحة، وبيان.

٢. ينبغي التفريق بين " النظريات " و " الحقائق " في هذا الباب، فكثيراً ما يُخلط بينهما، فتُجعل النظريات حقائق ثابتة، فيحمل المتحمسون آيات القرآن عليها، ثم سرعان ما تُنقض بنظرية أخرى! فيقع في قلب المسلم من الشك والريب ما يكون سببه جهل من تكلم في هذا العلم، وخلط بين الأمور.

كما أنه توجد حقائق لا شك فيها، لكن ليس من اللازم أن يكون في القرآن حديث عنها بنفسها، ويأتي بعض المتحمسين ليتكلف حمل نصوص من القرآن أو السنة عليها، وقد نهينا عن التكلف.

٣. وللأخذ بما يقوله بعض العلماء المعاصرين بما تدل عليه بعض الآيات القرآنية من أوجه الإعجاز العلمي ينبغي مراعاة أمور:

أ. عدم الجزم بالنظريات العلمية على أنها حقائق علمية لا تقبل المناقشة.

ب. عدم الجزم بأن ما يقولونه هو تفسير للآية القرآنية، ولا هو بالمرجح بين الأقوال المختلفة فيها.

ج. يجب مطابقة المعنى المذكور للغة العربية؛ لأنها لغة القرآن.

د. أن يكون المتكلم في دلالة الآية من أصحاب العلم الشرعي.

هـ. أن لا يخالف المعنى المذكور آية، أو حديثاً صحيحاً، أو إجماعاً.

و. الابتعاد عن التكلف والتمحل في الاستنباط من الآية القرآنية.

انظر " التفسير العلمي للقرآن بين المجيزين والمانعين " للشيخ محمد الأمين ولد الشيخ.

ثالثاً:

وأما قولك في احتمال أن يزعم زاعم أنه ثمة من وضع هذه الأشياء في القرآن: فهو احتمال بعيد أن يلجأ إليه إنسان عاقل جاد في مناقشته؛ لأن وجود هذا الاحتمال مرفوض حتى عند أعداء الدين، وهم يعلمون قطعاً أن ما تلاه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وما تلاه النبي على أصحابه: هو الذي بين أيدينا الآن، ليس فيه حرف زائد، ولا ناقص، فلو أدخل أحد حرفاً فيه: لانكشف أمره، وافتُضح، وقد تكفل الله تعالى بحفظه، ولا نظن أنك قصدت أن أحداً من المتقدمين قد يكون هو الذي وضع مثل هذه الزيادات في القرآن؛ فبالإضافة لما ذكرناه من حفظ الله له من التحريف: فقد كان المتقدمون في غفلة وبُعد عن العلم التجريبي هذا، وعن اكتشافه بالأدوات والآلات المخترعة حديثاً.

ثم إن النسخ الخطية المكتوبة من قديم، محفوظة في مكتبات العالم، على صورة واحدة، وكتب التفسير القديمة محفوظة في مكتبات المشرق والمغرب، والعرب والعجم، وكلها تحتوي على تلك الآيات، بصورة واحدة. والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، عربهم وعجمهم، علماؤهم وعامتهم، يحفظون القرآن على هيئة واحدة. فقد تواتر نقل القرآن تواترا قطعيا، بما لم يتواتر به علم كتاب آخر، ولا كلام آخر، واللجوء إلى هذه السفسطة في الحوار، يعني أنه لا فائدة منه، ولا سبيل إلى الاقتناع بحقيقة، وبإمكان المناقش أن يرد عليها بنفس الرد في جميع ما يعتقده مخالفه من النصوص والكتب العلمية والدينية.

وانظر جواب السؤال رقم: (٥١٠٥) ففيه تفصيل إثبات القرآن، وعدم تعرضه للتحريف، والتبديل.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>