للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبب تقديم قوله تعالى في سورة الرحمن (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) على قوله (خَلَقَ الْإِنسَانَ)

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا ذكر في سورة الرحمن: (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) قبل (خَلَقَ الْإِنسَانَ) ، وعلمه لمن؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

في هذه السورة العظيمة من سور القرآن الكريم يتعرف الله سبحانه وتعالى إلى خلقه بنعمه عليهم، وآلائه التي ملأت أرجاء السماء والأرض، يذكرهم بها عبوديتهم له عز وجل، ويلزمهم طاعته وابتغاء مرضاته.

ولما كان القرآن الكريم النعمة الكبرى والآية العظمى التي أنزلت على الإنسانية جمعاء، بدأ بها عز وجل، وقدمها على كل شيء، حتى على خلق الإنسان نفسه، ليوحي بذلك إلى الغاية التي خلق الإنسان من أجلها، وهي معرفة وحي الله والالتزام به، فلا يشتغل الإنسان بالخلق عن الخالق، ولا بالوسيلة عن المقصد.

وذكر الله تعالى خلق الإنسان بعد ذِكْر تعليم القرآن ليبين أن الإنسان هو المقصود بتعليم القرآن.

قال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الإنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) الرحمن/١-٤.

قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله:

"ولما عدّد نعمه تعالى، بدأ مِن نِعَمه بما هو أعلى رتبها، وهو تعليم القرآن، إذ هو عماد الدين ونجاة من استمسك به.

ولما ذكر تعليم القرآن ولم يذكر المعلَّم، ذكره بعد في قوله: (خَلَقَ الإنْسَانَ) ، ليُعلم أنه المقصود بالتعليم" انتهى.

"البحر المحيط" (١٠/١٨٧) .

وقال الألوسي رحمه الله:

"ثم أتبع سبحانه نعمة تعليم القرآن بخلق الإنسان فقال تعالى: (خَلَقَ الإنْسَانَ) ؛ لأن أصل النعم عليه، وإنما قدم ما قدم منها لأنه أعظمها، وقيل: لأنه مشير إلى الغاية من خلق الإنسان، وهو كماله في قوة العلم، والغاية متقدمة على ذي الغاية ذِهْنًا، وإن كان الأمر بالعكس خارجا" انتهى.

"روح المعاني" (٢٧/٩٩) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" وبدأ الله تعالى بتعليم القرآن قبل خلق الإنسان إشارة إلى أن نعمة الله علينا بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان، وإلا من المعلوم أن خلق الإنسان سابقٌ على تعليم القرآن، لكن لما كان تعليم القرآن أعظمَ مِنَّةٍ من الله عز وجل على العبد قدمه على خلقه " انتهى.

"لقاءات الباب المفتوح" (رقم/١٨٨) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>