للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العروة الوثقى

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي العروة الوثقى؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

العروة الوثقى جاء ذكرها في القرآن الكريم في موضعين اثنين:

في سورة البقرة، الآية (٢٥٦) في قوله تعالى:

(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .

وفي سورة لقمان، الآية (٢٢) في قوله تعالى:

(وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)

كما جاء في السنة النبوية ذكر العروة الوثقى في حديث أخرجه البخاري (٣٨١٣) ومسلم (٢٤٨٤) عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قال:

(كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي نَاسٍ فِيهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فِي وَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ، فَاتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلْتُ، فَتَحَدَّثْنَا، فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ قَالَ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ، رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، رَأَيْتُنِي فِي رَوْضَةٍ - ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَهَا - وَوَسْطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارْقَهْ. فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَسْتَطِيعُ. فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ - قَالَ ابْنُ عَوْنٍ وَالْمِنْصَفُ الْخَادِمُ - فَقَالَ بِثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، وَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِيَدِهِ، فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى الْعَمُودِ، فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقِيلَ لِيَ: اسْتَمْسِكْ. فَلَقَدْ اسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي. فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ، وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ. قَالَ: وَالرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ) .

وقد بين السلف الصالح معنى العروة الوثقى بعبارات منوعة كلها تدل على مقصود واحد:

فقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك: يعني لا إله إلا الله.

وقال أنس بن مالك: القرآن.

وقال مجاهد: الإيمان.

وقال السدي: هو الإسلام.

وعن سالم بن أبي الجعد: هو الحب في الله والبغض في الله.

وانظر هذه الأقوال في "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/٤٩٦)

قال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (١/٦٨٤) :

" وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها " انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى نور على الدرب" (الصلاة/١٢١٨) :

ما هي العروة الوثقى؟

فأجاب:

" العروة الوثقى هي الإسلام، وسميت عروة وثقى أنها توصل إلى الجنة " انتهى.

فأنت ترى – أخي السائل – أن المعنى الذي فسر به العلماء العروة الوثقى هو ما يوصل المتمسك به إلى الجنة، وذلك يشمل الإسلام والإيمان والقرآن وكلمة التوحيد، وكل واحد عبر بأحد هذه المعاني المتقاربة في مؤداها.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>