للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معنى قوله تعالى " أثرن به نقعاً "

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو معنى الآية " فأثرن به نقعاً "؟ وهل الكلمات (ارتفع، غبار، في، سُحُب) موجودة في هذه الآية؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

١. الكلمات " ارتفع " و " غبار " موجودتان بالمعنى في الآية، و " في " غير موجودة إلا أن المعنى دلَّ عليها لأنه الغبار لا يرتفع إلا " في " الهواء، و " سحب " غير موجودة لا لفظاً ولا معنى.

٢. " ارتفع " جاء لها مرادفات كثيرة في القرآن، ومنها:

أ. النشء، ومنه قوله تعالى {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} الرعد/١٢، وقوله {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} المزمل/٦.

أ.الحدب، ومنه قوله تعالى {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون} الأنبياء/٩٦، قال الفرَّاء: من كل أكَمة، ومن كل موضعٍ مرتفعٍ.

ب. العروج، ومنه قوله تعالى {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} المعارج/٤، ومعناه: الصعود والارتفاع.

ت. الموج، ومنه {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} هود/٤٢، والموج: هو ارتفاع الماء فوق الماء.

ث. الربوة، ومنه قوله تعالى {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} المؤمنون/٥٠، والربوة: المكان المرتفع.

ج. النشز، ومنه قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} المجادلة/١١، النشوز: الارتفاع.

ح. وأما لفظ " غبار ": فقد جاء لفظ آخر هو في القرآن بمعناه وهو " هباء "، ومنه قوله تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} الفرقان/٢٣.

وأما لفظ " سحاب " فجاءت له ألفاظ مرادفة في القرآن ومنها:

أ. المعصرات، ومنه قوله تعالى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} النبأ/١٤.

ب. المزن، ومنه قوله تعالى {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} الواقعة/٦٩.

٣. إن من أفضل التفاسير بشكل عام من ناحية الشمولية في أنواع التفسير من ناحية وسلامة المعتقد من ناحية أخرى هما: تفسير الطبري من المتقدمين وتفسير ابن كثير من المتأخرين.

وقال الطبري في تفسير آية {فأثرن به نقعاً} :

وَقَوْله {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: فَرَفَعْنَ بِالْوَادِي غُبَارًا؛ وَالنَّقْع: الْغُبَار، وَيُقَال: إِنَّهُ التُّرَاب.

وَالْهَاء فِي قَوْله {بِهِ} كِنَايَة اِسْم الْمَوْضِع، وَكَنَّى عَنْهُ، وَلَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر، لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ الْغُبَار لا يُثَار إِلا مِنْ مَوْضِع، فَاسْتَغْنَى بِفَهْمِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَاهُ مِنْ ذِكْره.

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل.

" تفسير الطبري " (٣٠ / ٢٧٥، ٢٧٦) .

وأما ابن كثير فقال في تفسير آية {فأثرن به نقعاً} :

يَعْنِي غُبَارًا فِي مَكَان مُعْتَرَك الْخُيُول.

" تفسير ابن كثير " (٤ / ٥٤٢) .

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>