للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل ورد في فضل سورة "طه" حديث صحيح؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أود الاستفسار عن فضل قراءة سورة طه، وأيضا عن فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات متواصلة لفترة معينة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لِلَّه

أولا:

صح في فضائل سورة (طه) الأحاديث الآتية:

١- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ: (هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي)

رواه البخاري (٤٩٩٤)

قال البيهقي في "شعب الإيمان" (٢/٤٧٦) :

" (العِتاق) : جمع عتيق، والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا، يريد تفضيل هذه السور لما تضمنت من ذكر القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة السلام وأخبار الأمم، و (التِّلاد) : ما كان قديما من المال، يريد أنها من أوائل السور المنزلة في أول الإسلام لأنها مكية، وأنها من أول ما قرأه وحفظه من القرآن " انتهى.

ويقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٨/٣٨٨) :

" (مِنَ العِتَاقِ) جمع عتيق وهو القديم، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث، وقوله (هُنَّ مِن تِلَادِي) أي: مما حفظ قديما، والتلاد قديم الملك، وهو بخلاف الطارف، ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن، وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم " انتهى.

٢- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ: فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ ")

رواه ابن ماجه (٣٨٥٦) والحاكم (١/٦٨٦) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٧٤٦) وقال رحمه الله:

" قول القاسم بن عبد الرحمن (الراوي عن أبي أمامة) أن الاسم الأعظم في آية (وعنت الوجوه للحي القيوم) من سورة (طه) لم أجد في المرفوع ما يؤيده، فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة (إني أنا الله لا إله إلا أنا..) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة، فانظر "الفتح" (١١/٢٢٥) ، و "صحيح أبي داود" (١٣٤١) " انتهى.

ثانيا:

جاء في فضائل سورة طه أحاديث ضعيفة واهية، أذكرها هنا للتنبيه عليها، ولتحذير الناس منها:

١- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن الله تبارك وتعالى قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق السماوات والأرض بألف عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمة ينزل هذا عليها، وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا)

رواه الدارمي (٢/٥٤٧) وقال المحقق: إسناده ضعيف جدا، عمر بن حفص بن ذكوان قال أحمد: تركنا حديثه وحرقناه. وفي "المعجم الأوسط" (٥/١٣٣) ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (١/٢٠٨) : هذا متن موضوع. وكذا قال ابن الجوزي في "الموضوعات" (١/١١٠) ، وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (٥/٢٧١) : فيه نكارة. وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١٢٤٨) : منكر. وانظر "الكامل" (١/٢١٦) ، و "لسان الميزان" (١/١١٤)

٢- عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(اعملوا بالقرآن، أحِلُّوا حلاله، وحرموا حرامه، واقتدوا به، ولا تكفروا بشيء منه، وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي الأمر من بعدي كَيْمَا يخبروكم، وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم، ولْيَسَعكم القرآن وما فيه من البيان؛ فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، ألا ولكل آية نور يوم القيامة، وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول، وأعطيت " طه " و " طواسين " و " الحواميم " من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش)

رواه الحاكم في "المستدرك" (١/٧٥٧) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٠/٢٢٥) وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٢٨٢٦) وابن حبان في "المجروحين" (٢/٦٥)

٣- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه:

(يا رب " طه " و " يس " ويا رب القرآن العظيم)

قال ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (٥/١٧٣-١٧٤) :

" لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.

٤- (من قرأ " طه " أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار)

ذكره الزمخشري والبيضاوي في فضائل سورة طه، وهو من الأحاديث الموضوعة.

انظر "الكشف الإلهي" للطرابلسي (١/١٧٨)

وأما ما سألت عنه من فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات فلم أجده في كتب السنة، بل لم أجده حتى في كتب الموضوعات، ولم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي التنبه والحذر، والحرص على العمل بالصحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الضعيف والموضوع.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>