للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اكتشفت أن زوجها يمارس اللواط وتريد الطلاق ولا تريد فضحه

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد تزوجت من رجل، ولقد اتضح أنه ليس من أهل الصلاح وأنه يأتي ما حرمه الله ويتعدى حدوده، أولا اكتشفت أنه يشاهد القنوات الإباحية، وعند مناصحته ينكر وجودها في المنزل ويقوم بسحب كرت التشفير من الريسيفر، وبعد عدة أيام كنت خارج المنزل عند جارات لي وأخبرني أن لا نزل إلى المنزل إلا أن يتصل علي!! ولما تأخر عن الاتصال نزلت ودخلت المنزل وفوجئت به يخرج من غرفة اسقبال الضيوف وهو في حال لا يعلم به إلا الله، ولما رأيت حالتة أسرعت إلى غرفة استقبال الضيوف، قلت: إذن سأجد امرأة في الغرفة، فوجدت إنه والعياذ بالله كان يمارس اللواط مع أحد أصدقائه وعندما واجهته بأني أريد الطلاق، قال إن شاء الله بكره راح أوصلك عند أمك. وخرج وعندما أتى في الصباح قام يصرخ في وجهي ويقذفني بالسوء ويقول إني أنا فضحته وأدخلت رجال في منزله أثناء غيابه ((لما كان في العمل)) . وأنا والدي متوفى، وكنت أعتبر أباه في مقام والدي، وعندما أخبرت والده بما رأيت من ولده. صرخ في وجهي، وقال لا تتدخلي أبداً حتى لو رأيتيه يفعل بأحد أو يفعل به فقلت له قل لولدك يطلقني، فقال: خليك كذا معلقة لغاية ما ولدي يموت وأنت على ذمته. ويقول لي: حتى لو رحتي المحكمة عندك إثبات ملموس على أفعال ولدي!! وأنا الآن أريد أطلب الطلاق، ولا أريد الموضوع يوصل المحكمة، ولا أريد أفضحه، بحكم العشره اللي كانت بيننا، وأنا أخاف الله فيه!! هل يجوز أن أذهب للمحكمة وأقول ما يفعله، وآخذ حقي في الطلاق؟ ولا أريد أن يتعلق برقبتي دم أحد ولا روح أحد؟!]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نسأل الله جل جلاله أن يثبتك على الهدى والصلاح، وأن يجبر كسرك، ويعظم أجرك في مصابك.

ولا شك أن ما حدث هو مصيبة بكل المقاييس، مصيبة في هذا الزوج الذي أعرض عن الطيب الطهور الذي أحله الله له من أهله، وراح يتلوث بالنجس والقاذورات، وانتكست فطرته حتى راح يفعل ما يفعل مع الرجال.

ثم كانت المصيبة مضاعفة بالعصبية الجاهلية من والده؛ وبدلا من أن يأنف أن يكون ولده بهذه الحال، تعصب له، وقال ما قال؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.

ولو كانت هذه الفعلة زلت عارضة لرجل سيرته تدل على الصلاح، لقلنا: لعله أن يتوب وينيب، لكن الرجل مغموس في الخنا والقاذورات، كما يبدو من حاله. هذا مع أن من ابتلي بهذه الفعلة الشنعاء، فعلة قوم لوط، قلما يوفق لخير أو صلاح بعدها.

قال ابن القيم رحمه الله، في ذكره لمفاسد تلك الفعل الشنعاء:

" فَإِنّهُ يُحْدِثُ الْهَمّ وَالْغَمّ وَالنّفْرَةَ عَنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. وَأَيْضًا: فَإِنّهُ يُسَوّدُ الْوَجْهَ وَيَظْلِمُ الصّدْرَ وَيَطْمِسُ نُورَ الْقَلْبِ وَيَكْسُو الْوَجْهَ وَحْشَةً تَصِيرُ عَلَيْهِ كَالسّيمَاءِ يَعْرِفُهَا مَنْ لَهُ أَدْنَى فِرَاسَةٍ. وَأَيْضًا: فَإِنّهُ يُوجِبُ النّفْرَةَ وَالتّبَاغُضَ الشّدِيدَ وَالتّقَاطُعَ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَا بُدّ. وَأَيْضًا: فَإِنّهُ يُفْسِدُ حَالَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فَسَادًا لَا يَكَادُ يُرْجَى بَعْدَهُ صَلَاحٌ، إلّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ بِالتّوْبَةِ النّصُوحِ " انتهى.

"زاد المعاد" (٤/٢٣٥) .

وأما عن طلبك للطلاق منه: فلا حرج عليك فيه؛ وإنما الممنوع للمرأة أن تطلب الطلاق من غير بأس بزوجها، أما وقد منه، ووجد فيه البأس، كل البأس، فلا حرج عليك في سعيك للطلاق منه؛ فمثل هذا غير أمين عليك وعلى دينك وعرضك، ويخشى أن يجلب لك السوء والأمراض من أفعاله الخبيثة.

فإن قبل طلاقك هكذا، من غير محكمة ولا مشكلات: فبها ونعمت، وإلا فارفعي أمرك للقاضي الشرعي، وإن استدعى طلب طلاقك أن تقصي ما حدث: فلا حرج عليك فيه إن شاء الله؛ فإن الشكاية إلى القاضي، والتظلم، ممن المواضع التي نص أهل العلم على جواز ذكر الخصم بما فعل، وإباحة غيبته، فيما يتعلق بأمر الخصومة.

قال الإمام النووي رحمه الله:

"اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أسباب:

الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم للسلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية، أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: فلان ظلمني بكذا.

الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب؛ فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما. " انتهى.

"رياض الصالحين" (٤٣٢) .

وأما تنفيذ الحكم فيه، وإقامة الحد عليه، فهذا يرجع إلى رأي المحكمة، وما يقوم عندها من البينة بذلك، وإذا كنت قد شهدت بما علمت، فلا تعلق لدمه برقبتك، إن شاء الله، هذا إذا ثبت ذلك لدى القاضي، وأقام حكم الله فيه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>