للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجب على الزوجة خدمة أهل زوجها؟ وبماذا ننصح الزوجين في هذا؟

[السُّؤَالُ]

ـ[مشكلتي بأني مهما حاولت جاهدة أن أخدم أهل زوجي، وخاصة: والدته، والتفانى في خدمتها: فهو لا يعجب زوجي، تعبت، وأنهكت طاقاتي، علما بأني أسكن في مسكن مستقل، ووالدته تأتي لزيارتنا من بلد مختلف، المشاكل زادت بيننا إلى حد أنه هجرني في الفراش، للأسف بدأت أكره والدته؛ لأنه بقدومها تأتي مشكلة أخرى، رغم أنه ما عمري قط رفعت صوتي عليها، أو عصيت لها أمراً، أو حتى ألَّبت زوجي عليها، بل إني دائمة الحث لزوجي ببرِّها، ولكن زوجي هداه الله يفضلها عليَّ تفضيلاً جارحاً، ولا أنكر بأن هذه والدته ولا يجب أصلا مقارنتها بي، ولكن على الأقل يكون كيِّساً، ويحاول أن لا يثير غيرتي، وعندما أتفق معه على أمر لا يقلب عليَّ إذا لم يعجب والدته. إني أعاني من قسوة زوجي في وجود أهله، فهو لا يريدني أن أخطئ أبدا أبدا، وأن أخدم والدته، وأخواته بتفانٍ! بدأت أشعر بالكراهية نحو أهله بسببه، رغم أني كنت أحبهم، هل يجب عليَّ أن أخدم والدته بهذا التفاني؟ وهل هو في الشرع واجب عليَّ خدمة أم الزوج بهذا الشكل؟ كما أني أريد توجيهاً لزوجي بأن علاقتي بأخواته وأهله لا يجب أن تكون سبباً في حدوث مشاكل بيننا. جزاكم الله خيراً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

إن من أهم آثار عقد الزوجية بين الزوجين أن تسلِّم الزوجة نفسها لزوجها، ليتم الاستمتاع بينهما، ويكون على الزوج أن ينفق عليها، ولو كانت غنية، وليس من لوازم عقد الزوجية خدمة الزوجة لأهل زوجها، لا أمه، ولا أخواته، ولا غيرهن، وهذا مما لا ينبغي أن يُختلف فيه، إلا أن تتبرع الزوجة بتلك الخدمة؛ احتساباً للأجر، وبرّاً بزوجها.

قال علماء اللجنة الدائمة:

ليس في الشرع ما يدل على إلزام الزوجة أن تساعد أم الزوج، إلا في حدود المعروف، وقدر الطاقة؛ إحساناً لعشرة زوجها، وبرّاً بما يجب عليه بره.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٩ / ٢٦٤، ٢٦٥) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:

هل لأم الزوج حق على الزوجة؟ .

فأجاب:

لا، أم الزوج ليس لها حق واجب على الزوجة بالنسبة للخدمة؛ لكن لها حق مِن المعروف، والإحسان، وهذا مما يجلب مودة الزوج لزوجته، أن تراعي أمه في مصالحها، وتخدمها في الأمر اليسير، وأن تزورها من حين لآخر، وأن تستشيرها في بعض الأمور، وأما وجوب الخدمة: فلا تجب؛ لأن المعاشرة بالمعروف تكون بين الزوج والزوجة.

" لقاءات الباب المفتوح " (٦٨ / السؤال ١٤) .

فيجب على الزوج أن يقف عند هذا الحكم الشرعي، ولا يطلب من الزوجة ما لا يلزمها شرعاً، وعليه أن يعلم أنه لا طاعة له عليها لو أنه أمر زوجته بخدمة أهله؛ لأن أمره ذاك ليس من شرع الله تعالى.

وفي الوقت نفسه: نوصي الزوجة أن تسعى جاهدة لإنهاء النزاع بينها وبين والدة زوجها، وأن تعلم أن هذا مما يجلب السعادة لها، ولجميع أفراد الأسرة، ولتعلم أنه قد يأتي عليها زمان تحتاج فيه لخدمة زوجات أبنائها، فلعلها إذا احتسبت خدمة أم زوجها أن ييسر الله تعالى من زوجات أبنائها من تقوم على خدمتها، والعناية بها.

وننصح الزوجة النظر في جواب السؤال رقم: (٢١٥٩٨) فهم مهم للغاية.

ثانياً:

على الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته، وليس له أن يربط علاقته بزوجته بعلاقتها بهم، وأن عليه هو مسئولية جسيمة في التوافق والترابط بين زوجته وأهله، وأن مثل هذه العلاقات الودية لا تأتي بالأوامر للزوجة بخدمة أهله، بل يكون ذلك بالتودد، والتلطف معها، مع وجود جو من المحبة، والمودة بين كافة الأطراف، وهو ما نحمله هو المسؤولية الكاملة عنه، فيستطيع استثمار علاقته بالأطراف جميعها ليجمع بينهم على المحبة والمودة، وبما أنهم لا يسكنون معاً، بل تباعدت بينهم الديار: فإن هذا مما يسهِّل الأمر ولا يصعِّبه؛ لأن من عادة الاختلاط في بيت واحد، أو السكن المتقارب أن يؤدي لمثل هذه النزاعات، أما والحال أن كل واحد من الطرفين يسكن في بلد غير بلد الآخر: فهذا يجعل الأمر عليه يسيراً إن شاء الله، ويمكن لكلا الطرفين أن يتحمَّل الفترة التي يلتقون فيها، ويجاهد كل واحد منهما نفسه، إلى أن يكتب الله لهما الاجتماع بمحبة وصفاء، وإذا لم يحصل مثل هذا: فليرض الزوج بالحد الأدنى، وهو عدم حدوث ما يعكر صفو اللقاء بين الطرفين بمشاحنات ومشادات.

أيها الزوج الكريم، الله الله في زوجتك، فهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لك:

(فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ) رواه مسلم (٢١٣٧) .

إن من أهم أسباب استقامة الحياة، ودوام المعروف، وحسن العشرة بينكما: أن تشعر زوجتك أنها شريكة لك، أنها زوجة، كما أنك زوج، وليست أمة عند سيد!!

وتذكر ـ أخيرا ـ قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ؛ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) .

رواه الترمذي (٣٨٣٠) وابن ماجة (١٩٦٧) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

نسأل الله أن يصلح شأنك وشأن زوجك، وأن يصرف عنكما كيد الشيطان ونزغه ووسواسه، وأن يجمع بينكما في خير.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>