للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف " هل هو ثقة لننشر مطبوعاته؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لديَّ وقت فراغ، وأريد - إن شاء الله - أن أستغله في عمل صالح، ابتغاء وجه الله عز وجل، وتوصلت - بفضل الله - إلى هذه الفكرة، وأريد معرفة رأي الدين فيها. نشر ترجمة القرآن الكريم بعدة لغات في المنتديات العالمية، والعربية، وأريد – أيضاً - إنشاء - بعون الله عز وجل - العديد من المدونات الخاصة بهذا الأمر، والمشكلة هي كالآتي: كما تعلم بارك الله فيك هناك العديد من مصادر التراجم للقرآن الكريم، ولهذا أريد التأكد من صحة اختياري فيما يخص مصدر التراجم، والذي هو " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة " وهو على هذا الرابط: http://www.qurancomplex.org/، وهل بإمكاني نشر التراجم بلغات لا أعرف عنها شيئاً؟ وإن كان هناك خطأ في الترجمة: فمن يتحمل المسؤولية أمام رب العالمين يوم القيامة؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نشكر لك أخي الفاضل حبك للخير، ونشر كتاب الله تعالى في الأرض، وحرصك على دعوة الناس، ونسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء، وأن يوفق مسعاك لما يحب ويرضى.

ونحب أولاً أن ننبهك إلى أن قولك " رأي الدين ": خطأ، والصواب أن تقول " ما تقولون " أو " ما حكم الشرع " فيما فيه نص.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

لا ينبغي أن يقال " ما حكم الإسلام في كذا "، أو " ما رأي الإسلام في كذا " فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام، لكن لو كان الحكم نصّاً صريحاً، فلا بأس أن يقال: ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول: حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام.

" المناهي اللفظية " (٤٩) .

ثانياً:

لتعلم أخي الفاضل أنه يستحيل ترجمة ألفاظ القرآن الكريم؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ولا يطلق عليه إن تُرجم " كتاب الله "، بل هو كتاب من قام بترجمته، وليس ثمة لغة في العالم تضاهي دقة اللغة العربية، لذا فمن المستحيل أن يترجم كتاب الله إلى لغة أخرى تؤدي المقصود تماماً، وتطابق اللفظ القرآني.

نعم، يمكن ترجمة معاني القرآن بلغات أخرى، لكن يشترط أن يقوم بهذه الترجمة حاذق باللغتين – العربية واللغة المراد الترجمة إليها – حتى يفهم مراد الله تعالى، فيؤدي المعنى باللغة الأخرى على وجهها الصحيح، وإذا فعلت هذا، وساهمت في نشر هذه التراجم: فإنك تقوم بعمل جليل، نرجو الله تعالى أن يثيبك عليه أجزل الثواب، ولا يهم كونك تعرف هذه اللغة الأجنبية، بل يكفي ثقتك بعمل المترجم، أو المؤسسة القائمة عليها.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:

ترجمة القرآن، أو بعض آياته، إلى لغة أجنبية، أو عجمية بقصد نشر الدعوة الحقَّة الإسلامية في بلاد غير المسلمين، هل في هذا العمل ما يخالف الشرع والدين؟ .

فأجابوا: " ترجمة القرآن، أو بعض آياته، والتعبير عن جميع المعاني المقصود إليها من ذلك: غير ممكن، وترجمته، أو بعضه ترجمة حرفية: غير جائزة؛ لما فيها من إحالة المعاني، وتحريفها، أما ترجمة الإنسان ما فهمه من معنى آية، أو أكثر، وتعبيره عما فهمه من أحكامه، وآدابه، بلغة إنجليزية، أو فرنسية، أو فارسية – مثلاً - لينشر ما فهمه من القرآن ويدعو الناس إليه: فهو جائز، كما يفسر الإنسان ما فهمه من القرآن، أو آيات منه باللغة العربية، وذلك بشرط أن يكون أهلا لتفسير القرآن، وعنده قدرة على التعبير عما فهمه من الأحكام، والآداب بدقة، فمَن لم تكن لديه وسائل تعينه على فهم القرآن، أو لم يكن لديه اقتدار على التعبير عنه بلغة عربية، أو غير عربية، تعبيراً دقيقاً: فلا يجوز له التعرض لذلك؛ خشية أن يحرِّف كتاب الله عن مواضعه، فينعكس عليه قصده، ويصير قصده المعروف منكراً، وإرادته الإحسان: إساءة.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.

الشيخ عبد الرزاق عفيفي , الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (٤/١٦٢،١٦٣) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: ما حكم ترجمة القرآن، وتفسيره، تفسيراً حرفيّاً لغير العربية؟

فأجاب: " أسألك: هل يمكن أن يترجم القرآن ترجمةً حرفية؟ لا يمكن أبداً، فالمسألة مفروضة فرضاً لا واقعاً؛ لأن اللغات غير العربية تختلف عن العربية، وليست كالعربية في الترتيب، ولا في الأسلوب، لهذا لا يمكن أن يُترجم ترجمة حرفية، أما ترجمة القرآن ترجمة معنوية، بمعنى أن يأخذ الإنسان آية، ويترجم معناها: فهذا لا بأس به، بل قد يكون واجباً لمن احتيج إلى تفهيمه بذلك " انتهى "لقاءات الباب المفتوح" (٥٠ / السؤال رقم ١٢) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال: (١٦٩٠) ، (٩٨٥٥٣) .

ثالثاً:

بخصوص " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف ": فإننا نعلمك أنه مصدر ثقة لدى العلماء والباحثين من أهل السنَّة، وأنه يقوم على إدارة شئون طباعة المصحف، ومراجعته، وتراجمه، وتفسيره: مشايخ فضلاء، وأئمة أعلام، فإن تيسر لك شيء من إصدارات ذلك المجمع: فلا تتردد في نشرها، وتوزيعها في أرجاء الأرض.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:

هل يجوز إعطاء الكافر الذي يرغب بالإسلام، ولم يسلم بعدُ، نسخة من ترجمة معاني القرآن الكريم، ومعها القرآن الكريم كاملاً، كطباعة ترجمات القرآن الكريم الصادرة من " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف "؟ .

فأجابوا:

" لا مانع من إعطاء الكافر الذي يُرجى إسلامه كتب التفسير، وترجمة معاني القرآن، بلغته التي يفهمها، ولو كان القرآن مميزاً عن التفسير، والترجمة؛ لأن الحكم في مثل هذا للتفسير والترجمة.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.

" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية (٣ / ٤٥) .

وجاء في قرارات وتوصيات " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لـ " منظمة المؤتمر الإسلامي ": قرار رقم: ١١٦ (١٠ / ١٢) بشأن موضوع ترجمة القرآن الكريم: ما نصه:

" إن " مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي " المنبثق عن " منظمة المؤتمر الإسلامي " في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من ٢٥ جمادى الآخرة ١٤٢١ هـ إلى غرة رجب ١٤٢١ هـ (٢٣ - ٢٨ سبتمبر ٢٠٠٠ م) .

بعد اطلاعه على ورقة العمل المتضمنة " ترجمة معاني القرآن الكريم " المحالة من الأمانة العامة لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمعدة من قبل " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف " حول المعايير، والشروط الخاصة، والإجراءات لترجمة معاني القرآن الكريم.

وبعد دراسة مستفيضة، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع، بمشاركة أعضاء " المجمع "، وخبرائه، وعدد من الفقهاء:

قرر ما يلي:

إقرار جميع بنود ورقة العمل المقدمة بشأن ترجمة معاني القرآن الكريم.

ويوصي:

- بإنشاء هيئة تعنى بتفسير القرآن الكريم وعلومه، ترتبط بـ " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ".

والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى.

فأنت ترى ثقة العلماء والمشايخ من العالَم أجمع بهذا المجمع، وليس عليك سوى المسارعة بالخير، عسى الله أن يوفقك له، ويتقبله منك.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>