للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رواية الحديث بالمعنى

[السُّؤَالُ]

ـ[أحيانا أنصح الآخرين عندما أراهم على خطأ وأبين لهم الأدلة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة، ولكن أحيانا أنسى الأحاديث وأذكرها بصيغة مقاربة للصيغة الأصلية أو ذكر جزء من الحديث أو ذكر معناه دون التعرض للمعنى الأصلي، فهل هذا جائز أو يدخل في باب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأنا أحيانا أتراجع عن النصح خوفا من الوقوع في الخطأ، وأن أضل نفسي وغيري والعياذ بالله من الضلال، وبماذا تنصحوني في مثل هذه الحالة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

قيام الإنسان بالدعوة إلى الله هذا من أجل الأعمال وأسماها عنده سبحانه وتعالى، كيف لا، وهي وظيفة من اصطفاهم الله من خلقه من الأنبياء والرسل، ومن ورث منهجهم من العلماء والدعاة، قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف /١٠٨.

وقد امتدح الله سبحانه من سلك تلك الطريق بقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت /٣٣.

لكن يشترط فيمن تصدَّر لدعوة الناس إلى شيء من أمر الدين أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه، ولا يشترط أن يكون عالما بالدين كله؛ لما روى البخاري (٣٤٦١) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري": " وقال في الحديث: (ولو آية) ، أي: واحدة، ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي، ولو قَلَّ، ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه، أو طالب علم مُجِدٍّ في طلبه، أو عامياً لكنه علم المسألة علماً يقيناً.. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (بلغوا عني ولو آية) ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم، لكنه يشترط أن يكون عالماً بما يدعو إليه، أما أن يقوم عن جهل ويدعو بناء على عاطفة عنده فإن هذا لا يجوز " انتهى.

"فتاوى علماء البلد الحرام" ص ٣٢٩.

ثانياً:

يجوز للإنسان أن يروى الحديث بمعناه عند جمهور أهل العلم، لمن كان عارفاً باللغة، ويأمن من اللحن وتغيير المعنى الذي به يتغير الحكم، وأن لا يكون ذلك التغيير في الألفاظ المتعبد بها كالأذكار والأدعية المأثورة.

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: " رواية الحديث بالمعنى، معناه: نقله بلفظ غير لفظ المروي عنه.

وهو يجوز بشروط ثلاثة:

١ - أن تكون مِنْ عارفٍ بمعناه: من حيث اللغة، ومن حيث مراد المروي عنه.

٢ - أن تدعو الضرورة إليها، بأن يكون الراوي ناسياً للفظ الحديث حافظاً لمعناه، فإن كان ذاكراً للفظه لم يجز تغييره، إلا أن تدعو الحاجة إلى إفهام المخاطب بلغته.

٣ - أن لا يكون اللفظ متعبداً به: كألفاظ الأذكار ونحوها " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن عثيمين".

فعلى هذا؛ لا بأس أن تروي الحديث بالمعنى إذا لم تكن حافظاً لفظه، شريطة أن لا يكون في كلامك تغيير للمعنى المقصود من الحديث.

وأخيراً، نشكر لك اهتمامك بنصح إخوانك المسلمين، ونبشرك إذا أخلصت النية لله تعالى بالثواب الجزيل.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>