للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل إبليس من الملائكة أم من الجن

[السُّؤَالُ]

ـ[هل كان إبليس من الملائكة أم من الجن، وهل الجن هم من الملائكة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمة الله تعالى عليه -:

وقوله في هذه الآية الكريمة: (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) الكهف/٥٠، ظاهر في أن سبب فسقه عن أمر ربه كونه من الجن وقد تقرر في الأصول في مسلك النص، وفي مسلك الإيماء والتنبيه: أن الفاء من الحروف الدالة على التعليل كقولهم: سرق فقطت يده، أي: لأجل سرقته، وسها فسجد، أي لأجل سهوه، ومن هذا القبيل قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) المائدة/٣٨، أي لعلة سرقتهما وكذلك قوله هنا: (كان من الجن ففسق) ، أي: لعلة كينونته من الجن؛ لأن هذا الوصف فرق بينه وبين الملائكة؛ لأنهم امتثلوا الأمر وعصى هو، ولأجل ظاهر هذه الآية الكريمة ذهبت جماعة من العلماء إلى أن إبليس ليس من الملائكة في الأصل بل من الجن، وأنه كان يتعبد معهم فأطلق عليهم اسمهم لأنه تبع لهم كالحليف في القبيلة يطلق عليه اسمها، والخلاف في إبليس هل هو ملك في الأصل فمسخه الله شيطاناً، أو ليس في الأصل بملك، وإنما شمله لفظ الملائكة لدخوله فيهم وتعبده معهم، مشهور عند أهل العلم، وحجة من قال: إن أصله ليس من الملائكة أمران:

أحدهما: عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس، كما قال تعالى عنهم: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون) التحريم/٦، وقال تعالى: (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) الأنبياء/٢٧.

والثاني: أن الله صرح في هذه الآية الكريمة بأنه من الجن، والجن غير الملائكة، قالوا: وهذا نص قرآني في محل النزاع.

...

وممن جزم بأنه ليس من الملائكة في الأصل لظاهر هذه الآية الكريمة:الحسن البصري، ونصره الزمخشري في تفسيره.

وقال القرطبي في تفسير سورة " البقرة ": " كونه من الملائكة هو قول الجمهور: ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وبن المسيب وقتادة وغيرهم، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن ورجحه الطبري وهو ظاهر قوله: (إلا إبليس) . اهـ.

وما يذكره المفسرون عن جماعة من السلف كابن عباس وغيره، من أنه كان من أشراف الملائكة، ومن خزان الجنة، وأنه كان يدبر أمر السماء الدنيا، وأنه كان اسمه عزازيل، كله من الإسرائيليات التي لا معول عليها.

وأظهر الحجج في المسألة، حجة من قال: إنه غير ملك لأن قوله تعالى: (إلا إبليس كان من الجن ففسق ...) ، وهو أظهر شئ في الموضوع من نصوص الوحي، والعلم عند الله تعالى.

[الْمَصْدَرُ]

" أضواء البيان " (٤ / ١٣٠ – ١٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>