للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسأل عن مدى صحة هذه الأدعية عن النبي صلى الله عليه وسلم

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحت هذه الأدعية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما مناسبتها؟ • اللهم أرني الحق حقاً وأرزقني إتباعه وارني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه. • اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق. • اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم. اللهم أذل الشرك والمشركين. • اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك. • اللَّهُمَّ أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء. • اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجوا رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد لمن عاديت ملحق.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله:

١- دعاء: " اللهم أرني الحق حقاً وارزقني إتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه "

فليس بحديث، وإنما هو دعاء مأثور عن بعض من تقدم من السلف، كما قال ابن شاهين رحمه الله: " ومن أدعية من تقدم: اللهم أرنا الحق حقا وألهمنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وألهمنا اجتنابه " انتهى.

" شرح مذاهب أهل السنة"، لابن شاهين رحمه الله (ص ٤٠) ، وينظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٧١) .

قال الحافظ العراقي رحمه الله:

" حديث: كان يقول (اللهم أرني الحق حقا فأتبعه وأرني المنكر منكرا وارزقني اجتنابه، وأعذني من أن يشتبه علي فأتبع هواي بغير هدى منك، واجعل هواي تبعا لطاعتك ... )

لم أقف لأوله على أصل " انتهى. "تخريج أحاديث الإحياء" (٥/ ٣٩١) .

٢- دعاء: " اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق ".

دعاء صحيح مأثور، وقد دعا به النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.

فروى أحمد (١٥٠٦٦) والبخاري في "الأدب المفرد" (٦٩٩) والحاكم (١٨٦٨) ، (٤٣٠٨) والطبراني في "الكبير" (٤٥٤٩) والبزار في "مسنده" (٣٧٢٤) عن رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي) فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنْ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ) .

قال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (٥٤١) .

وقد ثبت الدعاء بذلك عن عمر رضي الله عنه، ودعا الناس به في زمانه، في قنوت الوتر في رمضان: وفيه الجمل المذكورة في آخر السؤال: (اللهم إياك نعبد..) :

... فكان الناس يقومون أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف:

" اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق ". ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين.

قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: " اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق " ثم يكبر ويهوى ساجدا ".

رواه بن خزيمة في "صحيحه" (١١٠٠) ، وقال الألباني في تعليقه على ابن خزيمة: " إسناده صحيح ".

وقد ورد آخر هذا الدعاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بإسناد ضعيف.

روي بإسناد ضعيف، رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣٢٦٧ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِى عِمْرَانَ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ، فَسَكَتَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بَعَثَكَ رَحْمَةً، وَلَمْ يَبْعَثْكَ عَذَابًا لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ، ثُمَّ عَلَّمَهُ هَذَا الْقُنُوتَ:

(اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجَدَّ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ) .

قال البيهقي عقبه: " هَذَا مُرْسَلٌ ".

ولكن تقدم أنه صحيح عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.

قال البيهقي عقب الرواية السابقة:

" وَقَدْ رُوِىَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَحِيحًا مَوْصُولاً "

ثم ساقه بسنده عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ:

" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَيُكُذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمَ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِى لَا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِى عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ، وَلَكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَخْشَى عَذَابَكَ الْجَدَّ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ ".

وينظر: تهذيب الآثار، للطبري، رقم (٢٦٥٣) .

وصححه الألباني في "الإرواء" (٢/١٦٤-١٦٥) .

٣- دعاء: " اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم "، دعاء صحيح مأثور، وقد دعا به النبي صلى الله عليه وسلم عند لقاء العدو.

روى البخاري (٢٩٦٦) ومسلم (١٧٤٢) عن عبد اللَّهِ بْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا قَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ) .

ثُمَّ قَالَ:

(اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) .

٤- أما دعاء: " اللهم أذل الشرك والمشركين "، فلا نعلم له أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن أحد من أصحابه، أو السلف الصالحين، وإنما اعتاد الدعاء به بعض الإمام في القنوت، أو غيره من الأدعية، وهو ـ من حيث المعنى ـ: صحيح، لا حرج على من عا به.

٥- دعاء " اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يغلب جمعك "، فقد روي بنحوه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

روى أبو داود (٥٠٥٢) والطبراني في "المعجم الصغير" (٩٩٨) والبيهقي في "الدعوات" (٣٣٦) عَنْ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ) .

والحديث وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"، غير أن الدعاء من حيث المعنى صحيح، وقد قال الله تعالى: (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) الصافات / ١٧٣.

٦- دعاء: " اللَّهُمَّ أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ": هذا الدعاء صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

روى مسلم (٢٧١٣) عَنْ سُهَيْلٍ بن أبي صالح قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>