للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مدى صحة قصة النبي داوود مع المرأة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل هذه القصة حقيقية؟ أرجو الإفادة: قصة وعبرة: روي أن امرأة دخلت على داود عليه السلام فقالت: يا نبي الله! ربك ظالم أم عادل؟ فقال داود: ويحك يا امرأة هو العدل الذي لا يجور. فقال لها: ما قصتك؟ قالت: أنا أرملة، عندي ثلاثة بنات أقوم عليهن من غزل يدي، فلما كان أمس شددت غزلي بخرقة حمراء، وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأطعم أطفالي، فإذا بطائر انقض علي وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئا أطعم به أطفالي. فبينما كانت المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود، فأذن بالدخول، وفوجئ حينها بعشرة من التجار، كل واحد بيده (١٠٠) دينار , قالوا: يا نبي الله أعطها لمستحقها. فقال داود عليه السلام: ما كان سبب حملكم هذا المال؟ قالوا: يا نبي الله! كنا في مركب، فهاجت علينا الريح، وأشرفنا على الغرق، فإذا بطائر يلقي علينا خرقة حمراء وفيها غزل، فسددنا به عيب المركب، فهانت علينا الريح، وانسد العيب، ونذرنا إلى الله أن يتصدق كل واحد منا ب (١٠٠) دينار، وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت. فالتفت داوود عليه السلام إلى المرأة وقال لها: ربي يجزيك في البر والبحر وتجعلينه ظالما؟! .. وأعطاها المال، وقال: أنفقيه على أطفالك.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لم نجد أثرا لهذه الحكاية في كتب العلماء، ولم نقف لها على سند، فلا نعلم حقيقة أمرها ولا مصدرها.

ويبعد تصديق مضمون هذه القصة، فإننا نستبعد أن ينتظر مَن على المركب أن يلقي إليهم طائر قماشا وغزلا يسدون به الخرق، فعيب المركب لا يسده الغزل، ولو كان كذلك لخلعوا بعض ثيابهم وأنقذوا أنفسهم من الغرق بها، ولم ينتظروا ذلك الطائر، وذلك القماش.

وهي حكاية على كل حال، تروى من غير تصديق ولا تكذيب، فالغالب أنها من الإسرائيليات التي جاز لنا حكايتها مع عدم الجزم بوقوعها.

وإذا كان من يحكي هذه القصة، يريد أن يقول للناس: إن الله تعالى يُقدّر الخير للمؤمن من حيث لا يحتسب، ومن حيث يظن العبد أن هذا شر له، فهذا المعنى صحيح، وله شواهد من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة/٢١٦.

وقال تعالى: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) النساء/١٩.

وقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (٢٩٩٩) .

فعلى المؤمن أن يرضى بقضاء الله وقدره، ويؤمن أن الله تعالى لن يقدر له إلا الخير.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>