للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث موضوع في ذم الرافضة

[السُّؤَالُ]

ـ[ممكن أتأكد من سند هذا الحديث وصحته: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كانت ليلتي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندي، فأتته فاطمة، فسبقها علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي! أنت وأصحابك في الجنة، ألا إنه ممن يزعم أنه يحبك أقوام يرفضون الإسلام ثم يلفظونه، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، لهم نبز، يقال لهم الرافضة، فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون. قلت: يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال: لا يشهدون جمعة ولا جماعة، ويطعنون على السلف الأول) رواه الطبراني في الأوسط.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد للَّه

أولاً:

لمعرفة عقيدة الرافضة يراجع للأهمية جواب سؤال رقم (٤٥٦٩) و (١١٤٨)

ثانياً:

وإذا كان من علامة الرافضة، بل من دينهم ألا يشهدوا جمعة ولا جماعة، وإذا كان من دينهم الخبيث الضال أن يطعنوا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه أمهات المؤمنين، بل ويكفرونهم، وإذا كانوا حقا من أجهل الناس بكتاب الله تعالى وسنة نبيه، وأبعدهم عن فقهه بقلوبهم، وإذا كان فيهم حقا من البدع والضلال والشرك ما الله به عليم، مما نبه عليه أهل العلم في موضعه.

نقول: إذا كان فيهم كل هذا وغيره، فإن ذلك لا يبيح لنا أن نكذب على نبينا صلى الله عليه وسلم، أو ننسب إليه ما لم يقله، حتى ولو كان للتحذير من بدعهم وضلالهم.

جاءت تسمية الرافضة في الأحاديث في معرض الذم عن خمسة من الصحابة، وهم:

١- عن أم سلمة رضي الله عنها، ولفظ الحديث:

(كانت ليلتي، وكان النبى صلى الله عليه وسلم عندي، فأتته فاطمة، فسبقها علي، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: يا علي! أنت وأصحابك في الجنة، أنت وشيعتك في الجنة، إلا أنه ممن يزعم أنه يحبك أقوام يرفضون الإسلام ثم يلفظونه، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، لهم نبز (أي لقب) ، يقال لهم الرافضة، فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون، فقلت: يا رسول الله! ما العلامة فيهم؟ قال: لا يشهدون جمعة ولا جماعة، ويطعنون على السلف الأول)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٦/٣٥٤) والخطيب في "تاريخ بغداد" (١٢/٣٥٨) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/١٦٧)

من طريق سوَّار بن مصعب الهمداني عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة به، قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عطية إلا سوار بن مصعب.

وقال ابن الجوزي: " وهذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عطية: قد ضعفه الثوري وهشيم وأحمد ويحيى، وسوَّار: قال فيه أحمد ويحيى: متروك " انتهى.

وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٥٥٩٠) : موضوع.

٢- عن معاذ بن جبل في حديث طويل في "تاريخ دمشق" (٣٢/٣٨٣)

جاء في "تنزيه الشريعة المرفوعة" لابن عراق (٢/٣٨٩) :

" منكر وفي إسناده غير واحد من المجهولين " انتهى.

٣- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بنحو لفظ حديث أم سلمة، ورد من عدة طرق عن علي بن أبي طالب:

الطريق الأولى: عن كثير النواء عن إبراهيم بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي به.

أخرجه أحمد في "المسند" (١/١٠٣) والبخاري في "التاريخ الكبير" (١/٢٧٩) ، والبزار (٢/١٣٨) وقال: لا نعلم له إسنادا عن الحسن إلا هذا الإسناد. وابن عدي في "الكامل" (٦/٦٦) ، وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/١٦٣) وقال:

" هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحيى بن المتوكل قال فيه أحمد بن حنبل: هو واهي الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وكثير النواء: ضعفه النسائي. وقال ابن عدي: كان غاليا في التشيع مفرطا فيه " انتهى.

ويبدو أن رواية الشيعي لأحاديث فيها ذم الرافضة الغرض منها نفي تهمة الغلو المذموم عن نفسه، أو يريد بها الطعن على فرق معينة من الرافضة، والله أعلم.

والطريق الثانية: عن سوار بن مصعب عن محمد بن جحادة عن الشعبي عن علي به.

أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (٢/٥٤٧) أبو نعيم في "الحلية" (٤/٣٢٩) وعنه ابن الجوزي في "العلل المتاهية" (١/١٦٤) ، وسوار متروك الحديث كما سبق.

والطريق الثالثة: عن أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حية عن أبي سليمان الهمداني عن عمه عن علي به.

أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٧/٢١٣) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٢/٣٣٥)

وهي طريق منكرة بسبب ضعف أبي جناب الكلبي كما في "تهذيب التهذيب" (٤/٣٥٠) وجهالة أبي سليمان الهمداني حيث قال الذهبي في "الميزان" (٤/٥٣٣) : لا يُدْرَى من هو.

٤- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

(كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي! سيكون في أمتنا قوم ينتحلون حبنا أهل البيت، لهم نبز، يسمون الرافضة، فاقتلوهم فإنهم مشركون)

أخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة" (١/٤١٧،٤٤٠) الطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/٢٤٢) وابن عدي في "الكامل" (٥/٩٠) ، وأبو يعلى في "المسند" (٤/٤٥٩) وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/١٦٣،١٦٦) جميعهم من طريق الحجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن ابن عبا به.

قال ابن الجوزي: " وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العقيلي حجاج لا يتابع على هذ الحديث، وله غير حديث لا يتابع عليه " انتهى. وانظر ضعف حجاج في "تهذيب التهذيب" (١/٣٥٧) .

ورواه ابن عدي في "الكامل" (٥/١٥٢) من طريق عمرو بن مخرم البصري ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس.

وقال: " وهذا حديث بهذا الإسناد، وخاصة عن يزيد بن زريع عن خالد، باطل لا أعلم يرويه غير عمرو بن مخرم، وعن عمرو أحمد بن محمد اليمامي وهو ضعيف أيضا، فلا أدري أتينا من قبل اليمامي أو من قبل عمرو بن مخرم " انتهى.

٥- عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:

(نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال: هذا في الجنة، وإن من شيعته قوما يعطون الإسلام فيلفظونه، لهم نبز، يسمون الرافضة، من لقيهم فليقتلهم فإنهم مشركون)

أخرجه أبو يعلى في "المسند" (١٢/١١٦) وابن حبان في "المجروحين" (١/٢٠٤) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/١٦٥)

من طريق تليد بن سليمان المحاربي عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن محمد بن عمرو الهاشمي عن زينب بنت علي عن فاطمة رضي الله عنها به.

قال ابن الجوزي: " هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحمد ويحيى بن معين: تليد بن سليمان المحاربي كذاب "

قال ابن حبان في "المجروحين" (١/٢٠٤) :

" تليد بن سليمان المحاربي كنيته أبو إدريس من أهل الكوفة، يروي عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف، روى عنه الكوفيون، وكان رافضيا يشتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وروى في فضائل أهل البيت عجائب، وقد حمل عليه يحيى بن معين حملا شديدا وأمر بتركه " انتهى

وفيه علة أخرى قالها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٩/٧٤٨) :

" أن زينب بنت علي لم تسمع من فاطمة فيما أعلم " انتهى.

لذا حكم عليه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٦٥٤١) بالنكارة.

٦- عن ابن عمر رضي الله عنهما بنحو الألفاظ السابقة:

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٢/٣٣٥) والآجري في "الشريعة" (٥/٢١٩) من طريق محمد بن معاوية عن يحيى بن سابق المديني عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر.

جاء في "لسان الميزان" (٦/٢٥٦) في ترجمة يحيى بن سابق:

" قال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. وقال الدارقطني: متروك. وقال أبو نعيم: حدث عن موسى بن عقبة وغيره بموضوعات " انتهى

يظهر مما سبق أن خلاصة الحكم على كل حديث فيه التصريح بذم الرافضة بالاسم أنه حديث منكر، لا ينبغي نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يرو من طريق صحيحة ولا حسنة، بل ولا حتى يسيرة الضعف.

قال البيهقي في "دلائل النبوة" (٨/٢٤) :

" روي في معناه من أوجه أخر، كلها ضعيفة " انتهى.

وضعفها الألباني أيضا في "ظلال الجنة" (٢/١٩١-١٩٤) .

ومما يدل على ضعفها أن العلماء يذكرون في تاريخ ظهور هذا اللقب " الرافضة " قصة مشهورة، تدل على تأخر ظهور هذا اللقب عن العهد النبوي.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة" (١/٣٤) :

" لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام، وقصة زيد بن علي بن الحسين كانت سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين ومائة، في أواخر خلافة هشام، قال أبو حاتم البستي: قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائة، وصلب على خشبة، وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم، وكانت الشيعة تنتحله.

قلت: ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية، فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فتَرَحَّمَ عليهما رفضه قوم، فقال لهم: رفضتموني! فسموا " رافضة " لرفضهم إياه، وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيديا لانتسابهم إليه " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>