للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كم كانت عدد الركعات في صلاة التراويح على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه

[السُّؤَالُ]

ـ[ما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة. هل هذا صحيح أم ضعيف؟ أو لا أصل له؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

جاء الأمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصلاة العشرين ركعة عن أربعة من التابعين، وهذه رواياتهم:

١- عن السائب بن يزيد أنه قال: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ)

رواه عن السائب جماعة من الرواة: ومنهم من يذكر (العشرين) أو (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين) وهم:

محمد بن يوسف ابن أخت السائب عن السائب: كما عند عبد الرزاق في "المصنف" (٤/٢٦٠) من رواية داود بن قيس وغيره عنه.

ويزيد بن خصيفة: أخرجه ابن الجعد في "المسند" (١/٤١٣) ، ومن طريقه البيهقي في السنن (٢/٤٩٦)

والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب: أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٤/٢٦١)

فهذه روايات صحيحة من رواة ثقات عن السائب بن يزيد، وفيها ذكر العشرين ركعة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والزيادة في رواية (إحدى وعشرين) أو (ثلاث وعشرين) إنما هو باعتبار القيام مع الوتر.

٢- عن يزيد بن رومان قال: (كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاثٍ وَعِشرِينَ رَكعةً)

رواه عنه مالك في "الموطأ" (١/١١٥) ، وقال النووي في "المجموع" (٤/٣٣) : " مرسل، فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر " انتهى.

٣- عن يحيى بن سعيد القطان: (أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلا يُصَلِّي بِهِم عِشرِينَ رَكعَةً)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/١٦٣) عن وكيع عن مالك به، ولكن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر.

٤- عن عبد العزيز بن رفيع قال: (كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالمَدِينَةِ عِشرِينَ رَكعَةً، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢/١٦٣) .

وبمجموع هذه الروايات يتبين أن العشرين ركعة كانت هي السنة الغالبة على التراويح في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومثل صلاة التراويح أمر مشهور يتناقله الجيل وعامة الناس، ورواية يزيد بن رومان ويحيى القطان يعتبر بهما وإن كانا لم يدركا عمر، فإنهما ولا شك تلقياه عن مجموع الناس الذين أدركوهم، وذلك أمر لا يحتاج إلى رجل يسنده، فإن المدينة كلها تسنده.

قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (٣/١٦٩) :

" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ.

وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً.

وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢/٦٩) :

" وروي عشرون ركعة عن علي، وشتير بن شكل، وابن أبي مليكة، والحارث الهمداني، وأبي البختري، وهو قول جمهور العلماء، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء، وهو الصحيح عن أبي بن كعب، من غير خلاف من الصحابة، وقال عطاء: أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر " انتهى.

وانظر ذلك مسندا في "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/١٦٣)

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (٢٣/١١٢) :

" ثبت أن أُبَىَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة فى قيام رمضان، ويوتر بثلاث، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة، بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم " انتهى.

أما ما جاء من رواية الإمام مالك ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد في "الموطأ" (١/١١٥) وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/١٦٢) بلفظ: (إحدى عشرة ركعة) فهو محمول على أنه كان في بداية الأمر، ثم خُفِّفَ بعدُ على الناس، فزاد عمر الركعات إلى عشرين ليخفف على الناس القراءة في القيام.

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢/٦٨) :

" إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة، ثم خفف عليهم طول القيام، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة، يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم، والله أعلم " انتهى.

ويقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (٢٣/١١٣) :

" وأُبَىٌّ بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام، فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام، وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته، فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة، ثم بعد ذلك كأن الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام، فكثروا الركعات، حتى بلغت تسعا وثلاثين " انتهى.

ثانيا:

صلاة الليل الباب فيها واسع، وهي غير محصورة بعدد، فمن شاء قامها بإحدى عشرة ركعة، ومن شاء زاد أو نقص، وكذلك صلاة التراويح في رمضان.

يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (٢٣/١١٣) :

" وقال طائفة: قد ثبت فى الصحيح عن عائشة (أن النبى لم يكن يزيد فى رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة) واضطرب قوم فى هذا الأصل؛ لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين.

والصواب أن ذلك جميعه حسن، كما قد نص على ذلك الامام أحمد رضى الله عنه، وأنه لا يتوقت فى قيام رمضان عدد، فان النبى لم يوقت فيها عددا " انتهى.

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (١١/٣٢٢) :

" وثبت عن عمر رضي لله عنه أنه أمر من عين من الصحابة أن يصلي إحدى عشرة، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاثا وعشرين، وهذا يدل على التوسعة في ذلك، وأن الأمر عند الصحابة واسع، كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى) " انتهى

وانظر جواب السؤال رقم (٩٠٣٦) (٣٨٠٢١)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>