للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

درجة حديث "من كنت مولاه فعلي مولاه "ومعناه

[السُّؤَالُ]

ـ[ما صحة الحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) ومعنى الحديث وشكرا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذا الحديث رواه الترمذي ٣٧١٣ وابن ماجه ١٢١، وقد اختُلِفَ في صحته َقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ١/١٨٩ (وَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ كَثُرَتْ رُوَاتُهُ وَتَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كحَدِيثِ " مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فِعْلِيٌّ مَوْلاهُ ") ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما قوله من كنت مولاه فعلي مولاه فليس هو في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء وتنازع الناس في صحته فنقل عن البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث انهم طعنوا فيه ... وأما الزيادة وهي قوله اللهم وال من والاه وعاد من عاداه الخ فلا ريب انه كذب) منهاج السنة ٧/٣١٩. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: (وَأَمَّا حَدِيثُ: مَنْ كُنْت مَوْلاهُ فَلَهُ طُرُقٌ جَيِّدَةٌ) . وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٧٥٠ وناقش من قال بضعفه.

وصحة هذه الجملة عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ إن صحت ـ لا تكون بحال دليلا على إثبات ما ألحقه به الغالون من زيادات في الحديث للتوصل إلى تقديمه رضي الله عنه على بقية الصحابة كلهم، أو إلى الطعن في الصحابة بأنهم سلبوه حقه، وقد أشار شيخ الإسلام إلى بعض هذه الزيادات وتضعيفها في عشرة مواضع من منهاج السنة.

ومعنى الحديث اختلف فيه، وأيَّاً كان فإنه لا يناقض ما هو ثابت ومعروف بالأحاديث الصحاح من أن أفضل الأمة أبو بكر وأنه الأحقُّ بالخلافة، ثم يليه عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنه الله عنهم أجمعين لأن ثبوت فضل معين لأحد الصحابة، لا يدل على أنه أفضلهم، ولا ينافي كون أبي بكر أفضلهم كما هو مقرر في أبواب العقائد.

ومن هذه المعاني التي ذكرت لهذا الحديث (قِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ كُنْت أَتَوَلاهُ فِعْلِيٌّ يَتَوَلاهُ مِنْ الْوَلِيِّ ضِدُّ الْعَدُوِّ. أَيْ مَنْ كُنْت أُحِبُّهُ فِعْلِيٌّ يُحِبُّهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ يَتَوَلَاّنِي فِعْلِيٌّ يَتَوَلَاّهُ ذَكَرَهُ الْقَارِي عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِهِ , وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمَوْلَى فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ اِسْمٌ يَقَعُ عَلَى جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ الرَّبُّ وَالْمَالِكُ وَالسَّيِّدُ وَالْمُنْعِمُ وَالْمُعْتِقُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُحِبُّ وَالتَّابِعُ وَالْجَارُ وَابْنُ الْعَمِّ وَالْحَلِيفُ وَالْعَقِيدُ وَالصِّهْرُ وَالْعَبْدُ وَالْمُعْتَقُ وَالْمُنْعَمُ عَلَيْهِ وَأَكْثَرُهَا قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فَيُضَافُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا أَوْ قَامَ بِهِ فَهُوَ مَوْلاهُ وَوَلِيُّهُ , والحديث المذكور يُحْمَلُ عَلَى أَكْثَرِ الأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَعْنِي بِذَلِكَ ولاءَ الإِسلامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} " قَالَ الطِّيبِيُّ: لا يَسْتَقِيمُ أَنْ تُحْمَلَ الْوِلايَةُ عَلَى الإِمَامَةِ الَّتِي هِيَ التَّصَرُّفُ فِي أُمُورِ الْمُؤْمِنِينَ لأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ الْمُسْتَقِلَّ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ هُوَ لا غَيْرُهُ فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَحَبَّةِ ووَلاءِ الإِسْلامِ وَنَحْوِهِمَا) عن تحفة الأحوذي شرح الترمذي حديث ٣٧١٣ بتصرف.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>