للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ حديث صحيح

[السُّؤَالُ]

ـ[هل هناك دليل على أن وقت المغرب هو وقت انتشار الشياطين، وأنه يجب إدخال الأطفال إلى المنزل في هذا الوقت؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، ورد في هذا الأدب جملة من الأحاديث الصحيحة. فمن ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ)

رواه البخاري (٣٢٨٠) ومسلم (٢٠١٢) ، وبوب عليه النووي بقوله: باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وإغلاق الأبواب، وذكر اسم الله عليها، وإطفاء السراج والنار عند النوم، وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب.

وروى مسلم (٢٠١٣) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ – أي كل ما ينتشر من ماشية وغيرها - وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ـ في الحديث الأول ـ:

" (جُِنح الليل) هو بضم الجيم وبكسرها، والمعنى: إقباله بعد غروب الشمس، يقال: جنح الليل: أقبل.

قوله: (فخلوهم) قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة، لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت.

والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد " انتهى.

" فتح الباري " (٦/٣٤١)

وقال الإمام النووي رحمه الله:

" هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه، فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان: (لا مبيت) أي: لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله: (اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة.

وفى هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع، ويلحق بها ما في معناها، قال أصحابنا: يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال، للحديث الحسن المشهور فيه.

قوله (جنح الليل) هو بضم الجيم وكسرها، لغتان مشهورتان، وهو ظلامه، ويقال: أجنح الليل: أي: أقبل ظلامه، وأصل الجنوح الميل.

قوله صلى الله عليه وسلم: (فكفوا صبيانكم) أي: امنعوهم من الخروج ذلك الوقت.

قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن الشيطان ينتشر) أي: جنس الشيطان، ومعاه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ. والله أعلم " انتهى.

" شرح مسلم " (١٣/١٨٥)

وسئلت اللجنة الدائمة السؤال الآتي:

" في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: (إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم) ثم جاء فيه: (وأطفئوا مصابيحكم) فهل هذا الأمر للوجوب؟ وإن كان للاستحباب فما هي القرينة الصارفة له عن الوجوب؟

فأجابت:

" هذه الأوامر الواردة في الحديث محمولة على الندب والإرشاد عند أكثر العلماء، كما نص عليه جماعة من أهل العلم، منهم: ابن مفلح في " الفروع " (١/١٣٢) ، والحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (١١/٨٧) والله أعلم " انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (٢٦/٣١٧)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>