للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي) إلى أن غسل القدمين أفضل، قالوا: لأن غسل القدمين هو الأصل، فكان أفضل.

انظر: "المجموع" (١/٥٠٢) .

وذهب الإمام أحمد إلى أن المسح على الخفين أفضل، واستدل بـ:

١- أنه أيسر، و (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ) رواه البخاري (٣٥٦٠) ومسلم (٢٣٢٧) .

٢- أنه رخصة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) رواه أحمد (٥٨٣٢) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٥٦٤) .

٣- أن في المسح على الخفين مخالفةً لأهل البدع الذين ينكرونه، كالخوراج والروافض.

وقد كثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فعل كل منهما، غسل القدمين، والمسح على الخفين، مما جعل بعض العلماء يقول: المسح والغسل سواء، وهو ما اختاره ابن المنذر رحمه الله.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن الأفضل في حق كل واحد ما كان موافقاً للحال التي عليها قدمه، فإن كان لابساً للخف فالأفضل المسح، وإن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل الغسل، ولا يلبس الخف من أجل أن يمسح عليه.

ويدل لهذا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل قدميه في الوضوء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا) رواه البخاري (٢٠٦) ومسلم (٢٧٤) . فهذا يدل على أن المسح أفضل في حق من كان يلبس الخفين.

ويدل لذلك أيضاً ما رواه الترمذي (٩٦) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ. حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٠٤) . فالأمر بالمسح يدل على أنه أفضل، ولكنه في حق لابس الخف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

" وفصل الخطاب: أن الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه. فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان: غسلهما ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه , كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين , ويمسح قدميه إذا كان لابسا للخف " انتهى من "الإنصاف" (١/٣٧٨) .

وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/١٩٩) :

" ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانت مكشوفتين غسل القدمين، ولم يلبس الخف ليمسح عليه، وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل، قاله شيخنا (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية) " انتهى.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>