للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفة الغسل الكامل والمجزئ

[السُّؤَالُ]

ـ[أغتسل من الحيض كالتالي: ١- أنوي الطهارة بقلبي ولا أنطق بها. ٢- أبدأ بالوقوف تحت "الدوش" وتفيض المياه على كامل جسدي. ٣- أستحم وأغسل كامل جسدي باستعمال اللوف والصابون بما في ذلك منطقة الفرج. ٤- أغسل شعري كله باستعمال الشامبو. ٥- بعدها أشطف جسدي من آثار الصابون والشامبو وبعدها أجعل الماء يفيض على شقي الأيمن ثلاثا ثم على شقي الأيسر ثلاثا. ٦- ثم أتوضأ. علمت مؤخرا بأنني لا أتبع خطوات الغسل الصحيحة، أرجو منكم إفادتي هل غسلي طوال السنين السابقة بالطريقة المذكورة عاليه خاطئ أم صحيح؟ ... وإذا كان خاطئا ولا يصلح أرجو إعلامي ماذا يمكنني فعله لعلاج هذا الخطأ المتكرر طوال السنوات السابقة؟ وهل صلاتي وصيامي طوال هذه المدة باطل وغير مقبول؟ وإن كان كذلك فماذا يمكنني عمله لإصلاح هذا الأمر؟ ... كما أرجو منكم إبلاغى بالطريقة الصحيحة للغسل من الحيض ومن الجنابة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

غسلك بالطريقة المذكورة: صحيح مجزئ والحمد لله، لكن فاتك بعض السنن التي لا تؤثر على صحة غسلك.

وبيان ذلك أن الغسل نوعان: مجزئ، وكامل. أما المجزئ فيكتفي فيه الإنسان بفعل الواجبات فقط، ولا يفعل شيئاً من المستحبات والسنن، فينوي الطهارة، ثم يعم جسده بالماء بأي طريقة، سواء وقف تحت (الدوش) ، أو نزل بحراً، أو حمام سباحة ونحو ذلك، مع المضمضة والاستنشاق.

وأما الغسل الكامل: فأن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتي بجميع سنن الاغتسال.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن صفة الغسل:

فأجاب: " صفة الغسل على وجهين:

الوجه الأول: صفة واجبة، وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه على أي وجه كان، فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) المائدة/٦.

الوجه الثاني: صفة كاملة، وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً، ثم يغسل بقية بدنه. هذه صفة الغسل الكامل " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" (ص٢٤٨) .

ثانياً:

لا فرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض إلا أنه يستحب دلك الشعر في غسل الحيض أشد من دلكه في غسل الجنابة، ويستحب فيه أيضا أن تتطيب المرأة في موضع الدم، إزالة للرائحة الكريهة.

روى مسلم (٣٣٢) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَسْمَاءَ رضي الله عنه سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ: (تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا! فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ.

وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ.

فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ) .

ففَرَّق صلى الله عليه وسلم بين غسل الحيض وغسل الجنابة، في دلك الشعر، واستعمال الطيب.

وقوله: (شؤون رأسها) المراد به: أصول الشعر.

(فِرْصَةً مُمَسَّكَةً) أي قطعة قطن أو قماش مطيبة بالمسك.

وقول عائشة: (كأنها تخفي ذلك) : أي قالت ذلك بصوت خفي يسمعه المخاطب ولا يسمعه الحاضرون.

ثالثاً:

التسمية عند الوضوء والغسل مستحبة في قول جمهور الفقهاء، وقال الحنابلة بوجوبها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والتسمية على المذهب واجبة كالوضوء، وليس فيها نص، ولكنهم قالوا: وجبت في الوضوء فالغسل من باب أولى، لأنه طهارة أكبر.

والصحيح أنها ليست بواجبة لا في الوضوء، ولا في الغسل " انتهى من "الشرح الممتع".

رابعاً:

المضمضة والاستنشاق لابد منهما في الغسل، كما هو مذهب الحنفية والحنابلة.

قال النووي رحمه الله مبينا الخلاف في ذلك: " مذاهب العلماء في المضمضة والاستنشاق أربعة:

أحدها: أنهما سنتان في الوضوء والغسل , هذا مذهبنا [الشافعية] .

والمذهب الثاني: أنهما واجبتان في الوضوء والغسل وشرطان لصحتهما , وهو المشهور عن أحمد.

والثالث: واجبتان في الغسل دون الوضوء، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.

والرابع: الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضة , وهو رواية عن أحمد , قال ابن المنذر: وبه أقول " انتهى من "المجموع" (١/٤٠٠) باختصار.

والراجح هو القول الثاني، أي وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل، وأنهما شرطان لصحته.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فمن أهل العلم من قال: لا يصح الغسل إلا بهما كالوضوء.

وقيل: يصح بدونهما.

والصواب: القول الأول؛ لقوله تعالى: (فاطَّهَّروا) المائدة/٦، وهذا يشمل البدن كله، وداخل الأنف والفم من البدن الذي يجب تطهيره، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما في الوضوء لدخولهما تحت قوله تعالى: (فاغسلوا وجوهكم) المائدة/٦، فإذا كانا داخلين في غسل الوجه، وهو مما يجب تطهيره في الوضوء، كانا داخلين فيه في الغسل لأن الطهارة فيه أوكد " انتهى من "الشرح الممتع".

خامساً: إذا كنت في الماضي لا تأتين بالمضمضة والاستنشاق في الغسل لعدم العلم بحكمهما، أو اعتماداً على قول من لا يوجب ذلك، فإن اغتسالك صحيح وصلاتك المبنية على هذا الغسل صحيحة، ولا يلزمك إعادتها، لقوة اختلاف العلماء في حكم المضمضة والاستنشاق ـ كما سبق.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>