للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بماذا يكون الجماع؟

[السُّؤَالُ]

ـ[يجب الاغتسال إذا حصل جماع، لكن ما المراد بالجماع؟ هل أي مداعبة تكون جماعاً؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ليست كل مداعبة تكون جماعاً، وإنما الجماع يكون بإدخال الحَشَفَة كاملة (رأس الذكر) في الفرج، فإذا حصل هذا فقد حصل الجماع، وإن لم يحصل إدخال، أو أدخل بعض الحشفة وليس كلها، فهذا لا يكون جماعاً، وهذا ما دلت عليه الأحاديث:

فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ) رواه البخاري (٢٩١) ومسلم (٥٢٥) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ جَهَدَهَا) كناية عن إدخال الذكر في الفرج. قاله الحافظ في "الفتح".

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) رواه مسلم (٣٤٩) .

قال النووي في "شرح مسلم":

" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل) قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ غَيَّبْت ذَكَرَك فِي فَرْجهَا، وَلَيْسَ الْمُرَاد حَقِيقَة الْمَسِّ، وَذَلِكَ أَنَّ خِتَان الْمَرْأَة فِي أَعْلَى الْفَرْج، وَلا يَمَسّهُ الذَّكَر فِي الْجِمَاع , وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانهَا وَلَمْ يُولِجْهُ (يُدخله) لَمْ يَجِب الْغُسْل , لا عَلَيْهِ وَلا عَلَيْهَا , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا ذَكَرْنَاهُ. وَالْمُرَاد بِالْمُمَاسَّةِ: الْمُحَاذَاة , وَكَذَلِكَ الرِّوَايَة الأُخْرَى: (إِذَا اِلْتَقَى الْخِتَانَانِ) أَيْ: تَحَاذَيَا " انتهى.

وقال في "المجموع" (٢/١٥٠) :

" وجوب الغسل وجميع الأحكام المتعلقة بالجماع يشترط فيها تغييب الحشفة بكمالها في الفرج , ولا يشترط زيادة (على) الحشفة، ولا يتعلق ببعض الحشفة وحده شيء من الأحكام " انتهى.

وقال الحافظ في "الفتح":

" وَالْمُرَاد بِالْمَسِّ وَالالْتِقَاءِ: الْمُحَاذَاة، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَة التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظ: (إِذَا جَاوَزَ) وَلَيْسَ الْمُرَاد بِالْمَسِّ حَقِيقَته ; لأَنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ غَيْبَة الْحَشَفَة " انتهى.

وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: " وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ "الْمُحَاذَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلاقَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلامَسَةِ" وَبِلَفْظِ "الإِلْصَاقِ" , وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ: الْمُحَاذَاةُ " انتهى.

وقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: " إِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْمُلاقَاةُ " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" من المعلوم أن موضع الختان فوق الحشفة مما يلي قصبة الذكر، فإذا كان كذلك فلا يمس موضع ختان المرأة إلا بعد أن تلج الحشفة، ولذلك اشترطنا في وجوب الغسل من الجماع أن يُغْيّب الحشفة، وقد ورد في بعض ألفاظ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: (إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل) " انتهى. رواه ابن ماجه (٦١١) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١١/٣٢٣) .

وعلى هذا؛ فالمقصود من "مس الختان الختان" و "ملاقاة الختانين": هو محاذاة موضع ختان الرجل لموضع ختان المرأة، ويحصل ذلك بتغييب الحشفة كلها في الفرج، فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حصل الجماع ووجب الغسل.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>