للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يقنت قنوت النوازل في صلاة الجمعة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ثبت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهرا يدعو على بعض القبائل عندما نزلت بأصحابه نازلة فهل كان يقنت في كل الصلوات المفروضة؟ وهل كان يقنت في صلاة الجمعة؟ وهل يجوز لنا عندما تنزل بنا نازلة أن نقنت في صلاة الجمعة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بأصحابه شهراً على قبائل من العرب غدروا بسبعين من أصحابه رضي الله عنهم وقتلوهم.

فروى البخاري (٣١٧٠) ومسلم (٦٧٧) عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ) .

وكان صلى الله عليه وسلم يقنت في الصلوات الخمس كلها، لا يخص فرضا دون فرض، فروى أبو داود (١٤٤٣) وأحمد (٢٧٤١) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ) صححه ابن القيم في "الزاد" (١/٢٨٠) ، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال النووي رحمه الله:

" الصَّحِيح فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهَا إنْ نَزَلَتْ (يعني النازلة) قَنَتَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ " انتهى

"المجموع" (٣/٤٨٥) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله:

"يُشْرَعُ أَنْ يَقْنُتَ عِنْدَ النَّوَازِلِ يَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَدْعُو عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْفَجْرِ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (٢٢ / ٢٧٠)

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في النوازل، يدعو على المعتدين من الكفار ويدعو للمستضعفين من المسلمين بالخلاص والنجاة من كيد الكافرين وأسرهم، ثم ترك ذلك ولم يخص بالقنوت فرضا دون فرض" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٧/٤٢) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

"قنوت النوازل سنة مؤكدة في جميع الصلوات , وهو الدعاء على الظالم بأن يخزيه الله ويذله ويهزم جمعه ويشتت شمله، وينصر المسلمين عليه " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (٧/٣٨١) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" القنوت في النوازل مشروع في جميع الصلوات كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس خاصاً بصلاة الفجر والمغرب، وليس خاصاً بليلة أو يوم معين من الأسبوع، بل هو عام في كل أيام الأسبوع " انتهى.

"فتاوى نور على الدرب" (١٦٠/٣٢) .

أما القنوت في صلاة الجمعة فقد اختلف العلماء في ذلك، وذهب أكثرهم إلى أنه لا يقنت، اكتفاءً بالدعاء في الخطبة، ولأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت فيها.

فعن طاوس ومكحول والنخعي أنه بدعة.

وأنكره عطاء والحسن وقتادة.

"مصنف عبد الرزاق" (٣/١٩٤) ، "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/٤٦) .

وعن الإمام مالك رحمه الله أنه سأل ابن شهاب عن القنوت يوم الجمعة فقال: "محدث" انتهى.

"الاستذكار" (٢/٢٩٣) .

وعنه أيضا قال: "كان الناس في زمن بني أمية يقنتون في الجمعة، وما ذلك بصواب" انتهى.

"الاستذكار" (٢/٧٦) .

وقال المرداوي في "الإنصاف" (٢/١٧٥) :

" وَعَنْهُ – يعني الإمام أحمد - يَقْنُتُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ خَلَا الْجُمُعَةِ , وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ , وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ [ابن تيمية] ، وَقِيلَ: يَقْنُتُ فِي الْجُمُعَةِ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي" انتهى باختصار.

وقال ابن المنذر رحمه الله:

" اختلف أهل العلم في القنوت في الجمعة، فكرهت طائفة القنوت في الجمعة، وممن كان لا يقنت في صلاة الجمعة: علي بن أبي طالب، والمغيرة بن شعبة، والنعمان بن بشير، وبه قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وإسحاق، وقال أحمد: بنو أمية كانت تقنت.

وروي عن محمد بن علي، قال: القنوت في الفجر، والجمعة، والعيدين، وكل صلاة يجهر فيها بالقراءة. قال ابن المنذر: بالقول الأول أقول " انتهى.

"الأوسط" (٦/٤١-٤٢) .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

ما حكم القنوت في صلاة الجمعة؟

فأجاب:

"يقول العلماء: إن الإمام لا يقنُت في صلاة الجمعة؛ لأن الخطبة فيها دعاء للمؤمنين، فيُدعى لمن يُراد أن يُقْنَت لهم في أثناء الخطبة، هكذا قال أهل العلم.

فقيل له: وإن قنت؟

فأجاب:

ما دام أن العلماء قالوا: لا يقنت، فعليه أن يترك.

فقيل له: وهل هو جائز؟

فأجاب:

لا بأس؛ لأنه حتى لو قنت فإنه لا يعتبر عاصياً؛ لكن الأحسن أن يدعو لمن أراد القنوت لهم في أثناء الخطبة" انتهى.

"لقاء الباب المفتوح" (٢٤/١٥) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>