للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم الصلاة مع تشمير البنطلون

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أداء الصلاة بالبنطال المطوي (المكفوت) من أسفله؟ وهل ينطبق الحكم على المرأة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

جاءت الأحاديث بالنهي عن كفت الثوب في الصلاة.

فروى البخاري (٨١٢) ومسلم (٤٩٠) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ) .

وكفت الثوب أو الشعر: جمعه وضمه لئلا يقع على الأرض عند السجود.

قال النووي:

" اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى النَّهْي عَنْ الصَّلَاة , وَثَوْبه مُشَمَّر أَوْ كُمّه أَوْ نَحْوه ... فَكُلّ هَذَا مَنْهِيّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء , وَهُوَ كَرَاهَة تَنْزِيه فَلَوْ صَلَّى كَذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاته , وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء، وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر الْإِعَادَة فِيهِ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ" انتهى.

وقال في "تحفة المنهاج" (٢/١٦١-١٦٢) :

"ويكره للمصلي (كَفُّ شَعْرِهِ) بِنَحْوِ عَقْصِهِ أَوْ رَدِّهِ تَحْتَ عِمَامَتِهِ (أَوْ ثَوْبِهِ) بِنَحْوِ تَشْمِيرٍ لِكُمِّهِ أَوْ ذَيْلِهِ" انتهى.

وعلى هذا؛ فطي البنطلون وتشميره مكروه في الصلاة.

ثانياً:

جاءت الأحاديث بالنهي عن إسبال الثياب وإطالتها أسفل الكعبين.

فقد روى البخاري (٥٧٨٧) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ) .

وروى أبو داود (٤٠٨٤) عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

فلا يجوز للرجل أن يطيل ثوبه حتى ينزل أسفل من الكعبين.

فإن أصَرَّ على الإسبال وأراد أن يصلي بهذا البنطلون، فإن أبقاه على حاله صلى مسبلاً، وإن شمره ليكون فوق الكعبين صَلَّى وهو كافت ثوبه، وحينئذ يتعارض عندنا نهيان: النهي عن الإسبال، والنهي عن تشمير الثوب في الصلاة، ولا شك أن حكم الإسبال أشد، فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، وأما تشمير الثياب في الصلاة فهو مكروه، فعند التعارض يقدم الأهم، وهو اجتناب الإسبال، وحينئذ يشمر البنطلون حتى يكون فوق الكعبين.

وقد سئل الشيخ عبد الرحمن السحيم:

أقوم بكف بنطلوني في الصلاة كي لا أكون مسبلا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كف الثوب في الصلاة، فهل هذا يكون كفاً للبنطلون؟ وما حكم ذلك؟

فأجاب:

"إذا كان البنطلون أو السروال تحت الكعبين فإنه يجب رفعه، سواء في الصلاة أو في غيرها، بل لا يجوز أن يمسّ الكعب، لقوله عليه الصلاة والسلام: (موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعَضَلة، فإن أبَيْتَ فأسفل، فإن أبَيْتَ فمن وراء الساق، ولا حَقّ للكعبين في الإزار) . رواه الإمام أحمد والنسائي.

وكَفْت السراويل لا يدخل في النهي؛ لأن رفع الإزار عن الكعبين مطلب شرعي، بل هو واجب، والنهي عن كفّت الثوب أو الشعر نَهْي كراهة " انتهى ملخصا.

ثالثاً:

أما صلاة المرأة بالبنطلون المطوي: فإن المرأة تنهى عن الصلاة في البنطلون، سواء كان مطويا أو غير مطوي.

فإن خالفت وصلت بالبنطلون فالصلاة في حد ذاتها صحيحة.

قال النووي رحمه الله في المجموع (٣/١٧٦) : " فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر، وحكي الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر " انتهى.

ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال رقم (٤٦٥٢٩) .

وإذا صلت المرأة في البنطلون فإنها لا تشمره، لأنه لا حاجة إلى ذلك، لأن المطلوب منها أن تستر ظهور قدميها في الصلاة، ولأن تحريم إطالة الثوب عن الكعبين خاصاً بالرجال، ولا يشمل النساء.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>