للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يمكن للفتاة أن تصلي بالبنطلون؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل ممكن للفتاة الصلاة بالبنطلون؟ وما هو الزي الشرعي للصلاة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الزي الشرعي للمرأة في الصلاة هو كلُ لباسٍ ساترٍِ لجميع بدنها عدا الوجه والكفين، ويكون واسعاً فضفاضاً، بحيث لا يحدد شيئاً من أعضائها.

ويدل على اشتراط كون لباس المرأة ساتراً لجميع بدنها في الصلاة: حديث أم سلمة رضي الله عنها لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من الثياب، فقالت: (تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا) رواه أبو داود (٦٣٩) . وقد روي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (ص٤٠) : وصحح الأئمة وقفه. وقال ابن تيمية: المشهور أنه موقوف على أم سلمة إلا أنه في حكم المرفوع "شرح كتاب الصلاة من العمدة" (ص ٣٦٥) .

وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ حَائِضٍ إِلا بِخِمَارٍ) رواه أبو داود (٦٤١) والترمذي (٣٧٧) وابن ماجة (٦٥٥) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٧٤٧) .

وقوله (حائض) المراد بالحائض: البالغة أي بلغت الحيض.

والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها.

والدرع: قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجلها ويقال له: سابغ إذا طال من فوق إلى أسفل.

وانظر: "عون المعبود شرح سنن أبي داود".

فلا بد في اللباس أن يكون ساتراً لجميع البدن عدا الوجه، واختلف العلماء في وجوب ستر المرأة للكفين والقدمين في الصلاة:

أما الكفان: فذهب الجمهور إلى عدم وجوب سترهما، وعن الإمام أحمد فيهما روايتان، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوجوب، وقال في الإنصاف: وهو الصواب.

وأما القدمان: فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على وجوب سترهما، وهو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (٦/١٧٨) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

" أما المرأة فكلها عورة في الصلاة إلا وجهها واختلف العلماء في الكفين: فأوجب بعضهم سترهما، ورخص بعضهم في ظهورهما، والأمر فيهما واسع إن شاء الله، وسترهما أفضل خروجاً من خلاف العلماء في ذلك، أما القدمان: فالواجب سترهما في الصلاة عند جمهور أهل العلم " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٠/٤١٠) .

وذهب الإمام أبو حنيفة والثوري والمزني إلى جواز كشف المرأة قدميها في الصلاة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والمرداوي في الإنصاف.

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٢/١٦١) :

" وليس هناك دليل واضح على هذه المسألة، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه والكفان والقدمان. وقال: إن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كُنَّ في البيوت يَلْبَسْن القُمُص، وليس لكل امرأة ثوبان، ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه، فتكون القدمان والكفان غير عورة في الصلاة، لا في النظر، وبناء على أنه ليس هناك دليل تطمئن إليه النفس في هذه المسألة فأنا أقلد شيخ الإسلام فيها، وأقول: إن هذا هو الظاهر، إن لم نجزم به، لأن المرأة حتى وإن كان لها ثوب يضرب على الأرض فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدميها " انتهى.

وانظر: "المغني" (١/٣٤٩) ، "المجموع" (٣/١٧١) ، "بدائع الصنائع" (٥/١٢١) ، "الإنصاف" (١/٤٥٢) ، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢٢/١١٤) .

وإذا كان الثوب خفيفاً بحيث يشف عما تحته، ويظهر من ورائه لون الجلد فإنه لا يعتبر ساترا.

"روضة الطالبين" للنووي (١/٢٨٤) ، "المغني" (٢/٢٨٦) .

ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ. . . الحديث) . رواه مسلم (٢١٢٨) .

وقوله: (كاسيات عاريات) قال النووي في "المجموع" (٤/٣٩٩٨) : " قيل: تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها، وهو المختار " انتهى.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٣/٢٠٤) : " وأما معنى قوله: (كاسيات عاريات) فإنه أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة " انتهى.

ويدل على كونه واسعاً فضفاضاً: حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كساني قُبطية مما أهداه له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مالك لا تلبس القبطية؟) قلت: كسوتها امرأتي. فقال: (مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها) . رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/٢٣٤) وحسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص ١٣١) .

والقبطية ثياب كتان بيض رقاق تعمل بمصر. "لسان العرب" (٧/٣٧٣) .

والغلالة ثياب تلبس تحت الثياب.

وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس ثياباً ضيقة تحدد عورتها، كالبنطلون.

قال الشيخ ابن عثيمين:

" حتى وإن كان واسعاً فضفاضاً، لأن تميز رِجْل عن رِجْل يكون به شيء ن عدم الستر، ثم إنه يخشى أن يكون ذلك من تشبه النساء بالرجال، لأن البنطال من ألبسة الرجال " انتهى.

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (١٢/٢٨٦) .

أما عن صحة الصلاة، إن خالفت وصلت بهذه الثياب الضيقة، فإنها صحيحة، لأن الواجب عليها ستر العورة وقد حصل.

انظر السؤال (٤٦٥٢٩) .

وقال الشيخ صالح الفوزان:

" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء، ولكن النساء أشدّ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ.

أما الصلاة في حد ذاتها؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه، ولاسيما المرأة، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ؛ يسترها، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها، ولا يلفت الأنظار إليها، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى.

"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (٣/٤٥٤) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>