للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تصح عمرتها وهي تاركة للصلاة

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد أن أعتمر وزوجتي لا تصلي هل هذه العمرة صحيحة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

تارك الصلاة إن كان جاحدا لوجوبها، فهو كافر بالإجماع، وإن كان تركُه لها تكاسلا وتهاونا مع الإقرار بالوجوب، فقد اختلف العلماء في حكمه، والصحيح أنه كافر أيضا؛ لأدلة كثيرة من الكتاب والسنة سبق بيان بعضها في جواب السؤال رقم (٥٢٠٨) .

وعليه؛ فإن أدت زوجتك العمرة وهي تاركة للصلاة، لم تصح عمرتها، وهكذا لا يصح صومها ولا حجها ولا زكاتها ولا شيء من عبادتها إذا استمرت على ترك الصلاة.

والواجب عليك أن تأمرها بالصلاة وتعينها عليها وترغبها فيها وتحذرها من عاقبة تركها، قال الله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) طه/١٣٢

وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/٦.

وإذا استمرت الزوجة على ترك الصلاة لم يحل لك البقاء معها؛ لأنه لا يجوز إبقاء المسلم على كافرة تحته؛ لقوله تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) الممتحنة/١٠.

وأما عمرتك أنت فصحيحة ولا علاقة لها ببطلان عمرة الزوجة.

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامدا أو متهاونا؟ وهل تجزئه عن حجة الإسلام؟

فأجاب: "من حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعا ولا يصح حجه، أما إن كان تركها تساهلا وتهاونا فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه، والصواب: أنه لا يصح حجه أيضا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ، وهذا يعم من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاونا، والله ولي التوفيق " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١٦/٣٧٤) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا الذي لا يصلي وهو يصوم لا ينفعه صومه، لأن من شرط صحة الصيام: الإسلام، وتارك الصلاة ليس بمسلم فلا ينفعه صوم ولا زكاة، ولا حج، بل ولا يجوز له دخول المسجد الحرام وحرم مكة ما دام على تركه الصلاة، لأنه - والعياذ بالله - مرتد خارج عن الإسلام ويترتب على ترك الصلاة إضافة لما ذكرنا من عدم قبول أعماله الصالحة يترتب عليه إنه إن كان ذا زوجة فإن زوجته ينفسخ نكاحها منه، وكذلك لا يجوز لأحد أن يزوجه ما دام لا يصلي، وإذا مات فإنه لا يجوز أن يغسل، أو يكفن، أو يصلى عليه، أو يدفن في مقابر المسلمين. . .

ثم إن تارك الصلاة إذا مات على ذلك فإنه يدخل النار - والعياذ بالله - ويخلد فيها كما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن من لم يحافظ عليهن - أي الصلوات الخمس - لم تكن له نوراً ولا برهاناً، ولا نجاةً يوم القيامة وحشر مع فرعون، وهامان، وقارون، وأبي بن خلف) .

فالمسألة خطيرة في ترك الصلاة، ولكنه للأسف الشديد أن كثيراً من المسلمين اليوم يتهاونون بالصلاة فيتركونها عمداً بدون عذر شرعي ثم يتصدقون وينفقون ويحجون وهذه كلها وكل الأعمال لا تقبل مع الكفر، قال الله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٢/٦٢) .

وانظر جواب السؤال رقم (٧٢٢٤٥) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>