للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تاب من ترك الصلاة والصيام فهل يلزمه القضاء

[السُّؤَالُ]

ـ[كنت بعيداً عن الدين ولا أعرف عن الإسلام إلا أني ولدت لأبوين مسلمين، أقمت علاقة مع فتاة لمدة عامين، وبعد ذلك منَّ الله علي وعرفت طريق الالتزام وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من العالمين العاملين بأحكام شرعنا الحنيف.

وأنا الآن تائب من ذنوبي جميعاً بإذن الله تعالى عازماً على عدم الرجوع إليها مطلقاً. الذي أود أن أستفسر عنه منكم هو أنني علمت أن من شروط التوبة الندم والعزم على عدم الرجوع إلى الإثم ورد مظالم الناس إليهم، فماذا أفعل بخصوص صلاتي وصيامي الذي انقضى قبل التزامي؟ وما المفروض أن أقوم به لأصلح ما أفسدته مع هذه الفتاة مع العلم أنها إلى الآن لم تتزوج وباقية على عدم التزامها الديني؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

نحمد الله تعالى أن من عليك بالهداية والاستقامة، ونسأله سبحانه أن يزيدك علما وهدى. ونذكرك بشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، فإن الشكر يزيد النعم، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) إبراهيم/٧.

ثانيا:

ما ذكرت من شروط التوبة صحيح، وأما قضاء العبادات المتروكة من صلاة وصيام، ففيه قولان لأهل العلم، فمنهم من يلزم بقضائها، وهو مذهب الجمهور.

ومن العلماء من لا يلزم تارك الصلاة بقضاء ما تركه من الصلاة، بناء على القول بكفره، فتكون التوبة حينئذ إسلاما يهدم ما قبله من الذنوب.

ومن العلماء من لا يرى القضاء على تارك الصلاة عمدا، سواء قيل بكفره أولا، لأن النص إنما جاء في المعذور الذي نام عن الصلاة أو نسيها.

والذي دلت عليه الأدلة الصحيحة هو كفر تارك الصلاة، سواء تركها كسلا أو جحودا، وانظر أدلة ذلك في الجواب رقم (٥٢٠٨) .

وإلزام التائب بقضاء ما فات، فيه تعسير للتوبة، وتنفير منها، لكن ينبغي للتائب أن يكثر من الأعمال الصالحة، لقوله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/٨٢.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: لقد سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض الدراسة وأمضيت هناك خمس سنوات تركت فيها الصلاة والصيام، وقد هداني الله واستقمت والحمد لله، فكيف أقضي تلك الصلاة والصيام؟

فأجابت:

" إذا كان الواقع كما ذكرت من التوبة وسلوكك طريق الهدى فليس عليك قضاء ما تركته عمداً من الصلاة والصيام، لأن ترك الصلاة كفر أكبر، وردة عن الإسلام، وإن لم يجحد التارك وجوبها في أصح قولي العلماء، والمرتد إذا أسلم لا يؤمر بقضاء ما ترك من الصلاة والصيام في ردته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها) ، وعليك أن تحافظ مستقبلاً على أداء الصلاة جماعة في وقتها مع المسلمين في المساجد، وأداء صيام رمضان، ويشرع لك الإكثار من الأعمال الصالحة ونوافل العبادة من صلاة وصيام وصلة رحم وصدقات وغير ذلك من أعمال الخير حسب الاستطاعة، لقول الله تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى) . ونسأل الله لنا ولك الثبات على الحق والتوفيق إلى أقوم طريق " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (٦/٤١) .

وراجع السؤال رقم (٦١٠) .

ثالثا:

أما الفتاة، فينبغي أن تقطع كل علاقة بها، حتى لا يجد الشيطان سبيلا لاستدراجك إلى إعادة العلاقة معها، وإن وجدت من النساء الصالحات من يمكنها دعوتها فحسن.

نسأل الله لك مزيدا من التوفيق والثبات.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>