للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا طهرت الحائض قبل الفجر صلت المغرب والعشاء

[السُّؤَالُ]

ـ[عند الطهور من الحيض وأغتسل مثلا بالليل كيف أصلي؟ هل أصلي العشاء فقط أم العشاء والمغرب أم اليوم كاملا؟ مع العلم أني لا أرى القصة البيضاء بل أترك يوما لمعرفة أن الدم توقف عني؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

إذا طهرت الحائض بعد دخول وقت العشاء فإنه يلزمها أن تصلي العشاء لأنها أدركت وقتها، وكذلك يلزمها أن تصلي المغرب؛ لأنها تُجمع مع العشاء عند وجود العذر.

وكذلك إذا طهرت بعد دخول وقت العصر فإنها تصلي الظهر والعصر، هذا ما أفتى به بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال جمهور العلماء.

وأما إذا طهرت بعد الصبح أو بعد الظهر أو بعد المغرب فإنه لا تصلي إلا صلاة واحدة، وهي الصلاة التي طهرت في وقتها: (الصبح أو الظهر أو المغرب) ؛ لأن هذه الصلوات لا تُجمع إلى شيء قبلها.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (١/٢٣٨) : "إذا طهرت الحائض قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر فالعصر.

وإذا طهرت قبل أن يطلع الفجر صلت المغرب وعشاء الآخرة، روي هذا القول عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وطاوس ومجاهد والنخعي والزهري وربيعة ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبي ثور. قال الإمام أحمد: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده قال: لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها. وهو قول الثوري , وأصحاب الرأي ; لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها , فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئا.

وحكي عن مالك أنه إذا أدرك قدر خمس ركعات من وقت الثانية , وجبت الأولى ; لأن قدر الركعة الأولى من الخمس وقت للصلاة الأولى في حال العذر , فوجبت بإدراكه , كما لو أدرك ذلك من وقتها المختار , بخلاف ما لو أدرك دون ذلك.

ولنا ما روى الأثرم , وابن المنذر , وغيرهما , بإسنادهم عن عبد الرحمن بن عوف , وعبد الله بن عباس , أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة: تصلي المغرب والعشاء , فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس , صلت الظهر والعصر جميعا؛ ولأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر , فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها , كما يلزمه فرض الثانية" انتهى بتصرف.

وقال في متن زاد المستقنع: " ومن صار أهلا لوجوبها قبل خروج وقتها: لزمته وما يجمع إليها قبلها " انتهى.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع": " مثال ذلك: إذا أدرك من وقت صلاة العصر قدر ركعة أو قدر التحريمة لزمته صلاة العصر، ولزمته صلاة الظهر أيضا، وإن أدرك ذلك من وقت صلاة العشاء لزمته صلاة العشاء وصلاة المغرب أيضا، وإن أدرك ذلك من وقت صلاة الفجر لا يلزمه إلا الفجر؛ لأنها لا تجمع إلى ما قبلها.

فإن قيل: ما وجه وجوب صلاة الظهر في المثال الأول؛ وصلاة المغرب في المثال الثاني؟

فالجواب: الأثر، والنظر.

أما الأثر: فإنه روي ذلك عن ابن عباس وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.

وأما النظر: فلأن وقت الصلاة الثانية وقت للأولى عند العذر الذي يبيح الجمع، فلما كان وقتا لها عند العذر صار إدراك جزء منه كإدراك جزء من الوقتين جميعا، وهذا هو المشهور من المذهب.

وقال بعض أهل العلم: إنه لا يلزمه إلا الصلاة التي أدرك وقتها فقط، فأما ما قبلها فلا يلزمه " انتهى، ورجح الشيخ رحمه الله هذا القول الأخير.

والأحوط هو العمل بقول جمهور العلماء، فتصلي الصلاتين معاً، ولا يلزمها أن تصلي صلوات اليوم كاملاً، وإن اقتصرت على الصلاة التي أدركت وقتها فقط، فنرجو ألا يكون عليها حرج.

ثانيا:

تطهر المرأة من حيضها بإحدى علامتين: القصة البيضاء، أو حصول الجفاف التام، بحيث لو احتشت بقطنة خرجت نظيفة ليس عليها أثر من حمرة أو صفرة، على ما بيناه في جواب السؤال رقم ٥٥٩٥.

فكونك تجلسين يوما دون صلاة، لعدم رؤيتك للقصة البيضاء، عمل لا يصح؛ لاحتمال أن تكوني قد طهرت بالجفوف، فالواجب عليك مراعاة هذه العلامة في الطهر.

قال النووي رحمه الله: " علامة انقطاع الحيض ووجود الطهر: أن ينقطع خروج الدم وخروج الصفرة والكدرة , فإذا انقطع طهرت سواء خرجت بعده رطوبة بيضاء أم لا " انتهى من "المجموع" (٢/٥٦٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>