للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاة وصوم المسجون الذي لا يعلم شيئا عن الوقت

[السُّؤَالُ]

ـ[كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض، وهو مقيد، ولا يعلم شيئا عن أوقات الصلاة، ولا عن وقت دخول شهر رمضان؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد للَّه

أولا:

نسأل الله تعالى أن يمن على جميع أسرى المسلمين بفرجه القريب، وأن يهبهم من فضله الصبر والسلوان، ويملأ قلوبهم بالطمأنينة واليقين، وأن ييسر للمسلمين سبيل رشد يُعزُّ فيه أولياؤُه، ويُذل فيه أعداؤه.

ثانيا:

قرر أهل العلم أن الصلاة والصيام لا يسقطان عن الأسير والمسجون، وأن الواجب عليه أن يتحرى الوقت ويجتهد في ذلك، فإذا غلب ظنه دخول وقت الصلاة، صَلَّى، وإذا غلب على ظنه دخول شهر رمضان، صام، ويمكنه الاستدلال على الوقت بملاحظة أوقات الطعام، أو سؤال أهل السجن ونحو ذلك.

وإذا اجتهد وتحرى الوقت الصحيح للصلاة أو للصيام فإن عبادته تقع صحيحة مجزئة، سواء تبين له بعد ذلك أنها وقعت في الوقت، أو بعده، أو لم يتبين له شيء، لقول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا) البقرة/٢٨٦، وقوله سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) الطلاق/٧.

وإذا علم أنه صام أيام العيد وجب عليه قضاؤها، لأن صيام يوم العيد لا يصح.

أما إذا علم بعد ذلك أنه صلى أو صام قبل الوقت، وجب عليه إعادة الصيام والصلاة.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٨/٨٤-٨٥) :

" ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ من اشتبهت عليه الشّهور لا يسقط عنه صوم رمضان، بل يجب لبقاء التّكليف وتوجّه الخطاب.

وإن اجتهد وصام فلا يخلو الأمر من خمسة أحوال:

الحال الأولى: استمرار الإشكال وعدم انكشافه له، بحيث لا يعلم أنّ صومه صادف رمضان أو تقدّم أو تأخّر، فهذا يجزئه صومه ولا إعادة عليه لأنّه بذل وسعه، ولا يكلّف بغير ذلك.

الحال الثّانية: أن يوافق صوم المحبوس شهر رمضان، فيجزيه ذلك.

الحال الثّالثة: إذا وافق صوم المحبوس ما بعد رمضان فيجزيه عند جماهير الفقهاء.

الحال الرّابعة: وهي وجهان:

الوجه الأوّل: إذا وافق صومه ما قبل رمضان، وتبيّن له ذلك قبل مجيء رمضان، لزمه صومه إذا جاء بلا خلاف، لتمكّنه منه في وقته.

الوجه الثّاني: إذا وافق صومه ما قبل رمضان، ولم يتبيّن له ذلك إلاّ بعد انقضائه، ففي إجزائه قولان:

القول الأوّل: لا يجزيه عن رمضان بل يجب عليه قضاؤه، وهذا مذهب المالكيّة والحنابلة، والمعتمد عند الشّافعيّة.

القول الثّاني: يجزئه عن رمضان، كما لو اشتبه على الحجّاج يوم عرفة فوقفوا قبله، وهو قول بعض الشّافعيّة.

الحال الخامسة: أن يوافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض، فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه" انتهى.

وانظر "المجموع" (٣/٧٢-٧٣) ، "المغني" (٣/٩٦)

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>