للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاجتماع في المسجد، والأكل والحديث فيه، في أيام العيد

[السُّؤَالُ]

ـ[ألفنا في مسجد حينا كلما حل عيد الفطر أو الأضحى أن يجتمع الرجال في المسجد لشرب الشاي وأكل الحلوى، مع ما يصاحب ذلك من حديث في مختلف المواضيع، فما حكم ذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

يشرع للمسلمين أن يظهروا الفرح بالعيد الشرعي، وأن يجتمعوا لذلك، ولا مانع من أن يكون ذلك في المسجد.

روى البخاري (٥٢٣٦) ومسلم (٨٩٢) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ) .

وفي رواية للبخاري (٩٥٠) ومسلم (٨٩٢) أن ذلك (َكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ) .

ولا بأس ـ أيضا ـ أن يصحب ذلك الاجتماع بعض ما يناسب ذلك من الطعام أو الشراب.

قال الزركشي رحمه الله:

" يجوز أكل الخبر والفاكهة والبطيخ وغير ذلك في المسجد. وقد روى ابن ماجة عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: كنا نأكل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبز واللحم. [رواه ابن ماجة في سننه (٣٣٠٠) وصححه الألباني] ..

وينبغي أن يبسط شيئا، ويحترز خوفا من التلوث. ولئلا يتناثر شيء من الطعام، فتجتمع عليه الهوام.

هذا إذا لم يكن له رائحة كريهة، فإن كانت، كالثوم والبصل والكرات ونحوه، فيكره أكله فيه، ويمنع آكله من المسجد حتى يذهب ريحه.. " انتهى.

"إعلام الساجد بأحكام المساجد" (٣٢٩) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

" ولا بأس بالنوم والأكل في المسجد للمعتكف وغيره؛ لأحاديث وآثار وردت في ذلك، ولما ثبت من حال أهل الصفة، مع مراعاة الحرص على نظافة المسجد والحذر من أسباب توسيخه من فضول الطعام أو غيرها؛ لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عرضت علي أجور أمتي،حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد» رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة، ولحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم «أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب» . رواه الخمسة إلا النسائي وسنده جيد. والدور: هي الحارات والقبائل القاطنة في المدن. " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٥/٤٣٩) . وينظر: فتاوى اللجنة الدائمة (٦/٢٩٠) .

ثانيا:

يجوز الكلام المباح في المسجد، ولو كان ذلك من أمر الدنيا، ما لم يترتب عليه تشويش على المصلين.

روى مسلم في صحيحه (٦٧٠) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوْ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ.

قال النووي رحمه الله:

" يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد، وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات، وإن حصل فيه ضحك ونحوه، ما دام مباحا؛ لحديث جابر بن سمرة.. " انتهى.

"المجموع شرح المهذب" (٢/١٧٧) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" الكلام في المسجد ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون فيه تشويش على المصلين والقارئين والدارسين، فهذا لا يجوز، وليس لأحد أن يفعل ما يشوش على المصلين والقارئين والدارسين.

القسم الثاني: أن لا يكون فيه تشويش على أحد، فهذا إن كان في أمور الخير فهو خير.

وإن كان في أمور الدنيا: فإن منه ما هو ممنوع، ومنه ما هو جائز؛ فمن الممنوع البيع والشراء والإجارة، فلا يجوز للإنسان أن يبيع أو يشتري في المسجد، أو يستأجر أو يؤجر في المسجد، وكذلك إنشاد الضالة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (إذا سمعتم من ينشد الضالة فقولوا لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا) .

ومن الجائز: أن يتحدث الناس في أمور الدنيا بالحديث الصدق الذي ليس فيه شيء محرم ".

"فتاوى نور على الدرب".

وأما حديث: (الكلام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) ، فليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألباني رحمه الله. رقم (٤) .

والخلاصة:

أنه لا بأس باجتماعكم هذا، لكن مع الاحتراز عن تلويث المسجد بشيء من الأطعمة والأشربة، والاحتراز أيضا من التشويش على من يصلي أو يقرأ القرآن أو نحو ذلك من العبادات، إن وجد أحد يفعل ذلك في وقت اجتماعكم.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>