للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأسباب المفصلة لعذاب القبر

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي المعاصي التي يعذب بها أصحابها في القبور؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سبق في جواب السؤال رقم (٤٥٣٢٥) ذكر هذه الأسباب، ونذكر هنا مجموعة من هذه المعاصي، مقرونة بأدلتها من القرآن والسنة الصحيحة.

الشرك بالله والكفر به

قال الله تعالى عن آل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/٤٦.

وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام/٩٣.

وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم وغضب الله عليه فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ....) الأنعام/٩٣.

ومما يدل على أن الشرك سبب من أسباب عذاب القبر حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.

قَالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ.. فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ.. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.. (الحديث) . رواه مسلم (٢٨٦٧)

فقوله في الحديث: (ماتوا في الإشراك) دليل على أن الشرك سبب في عذاب القبر.

النفاق سبب من أسباب عذاب القبر

والمنافقون أولى الناس بعذاب القبر، كيف لا وهم أصحاب الدرك الأسفل من النار.

قال الله تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) التوبة/١٠١.

قال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) : إحداهما في الدنيا، والأخرى هي عذاب القبر.

وفي أحاديث سؤال الملكين وفتنة القبر، ورد التصريح باسم المنافق، أو المرتاب في كثير من الروايات، كما في البخاري (١٣٧٤) من حديث أنس رضي الله عنه: (.. وأما الكافر والمنافق فيُقال له..) ، وفي الصحيحين من حديث أسماء رضي الله عنها: (وأما المنافق أو المرتاب) .

تغيير شرع الله تعالى؛ بتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم

والدليل على أن ذلك الإلحاد في شرع الله تعالى سبب من أسباب العذاب في القبر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ) . رواه البخاري (٤٦٢٣) .

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَجُرّ قُصْبه فِي النَّار) وَهِيَ الأَمْعَاء.

والسائبة: هي ناقة أو بقرة أو شاة كانوا يسيبونها فلا تركب ولا تؤكل ولا يحمل عليها، وكان بعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " العرب من ولد إسماعيل وغيره، الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، كانوا حنفاء على ملة إبراهيم، إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة، وهو عمرو بن لحي، وهو أول من غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه " انتهى. "دقائق التفسير" (٢/٧١) .

عدم الاستبراء من البول، والمشي بين الناس بالنميمة

فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ... الحديث. رواه البخاري (٢١٨) ومسلم (٢٩٢) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه) أخرجه الدارقطني، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (١/١٥٢) .

الغيبة

وعلى ذلك ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الجنائز بقوله: " عذاب القبر من الغيبة والبول ".

ثم روى فيه حديث القبرين السابق مع أن لفظ البخاري ليس فيه ذكر الغيبة، وإنما فيه النميمة، لكنه جرى عَلَى عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث: (وأما الآخر فيعذّب في الغيبة)

أخرجه أحمد (٥/٣٥) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/٦٦) .

الكذب

ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا هَذَانِ؟

ثم قال عن هذا المعذب في آخر الحديث: (إنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق..) رواه البخاري (٧٠٧٤) .

فيشرشر: أي يقطعه.

والشدق: جانب الفم.

هجر القرآن بعد تعلُّمه، والنوم عن الصلاة المكتوبة

ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَه الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا هَذَانِ؟

وفيه: (والذي رأيته يُشْدَخ رأسُه فرجل علمه الله القُرْآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل به بالنهار) .

(يثلغ رأسه) : أي يشدخه ويشقه.

(يتدهده) : أي يتدحرج.

وفي رواية: (أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ) رواه البخاري (٧٠٧٦) .

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الرواية أوضح من الأولى؛ فإن ظاهر الأولى أنه يعذب على ترك قراءة القُرْآن بالليل، وأما الأخرى فتدل على أنه يعذب على نومه عن الصلاة المكتوبة.

قال: ويحتمل أن يكون العذاب على مجموع الأمرين؛ ترك القراءة، وترك العمل.

قال ابن حجر: " قال ابن هبيرة: رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس " فتح الباري (٣/٢٥١) .

أكل الربا

ففي حديث سمرة رضي الله عنه قَالَ: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا) إلى أن قال: (وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا) .

الزنا

ففي حديث سمرة رضي الله عنه: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [أي: صاحوا] قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟) وفي آخره: (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) .

أمر الناس بالبر ونسيان النفس

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (رأيت ليلة أسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟!) أخرجه أحمد (٣/١٢٠) وصححه الألباني في الصحيحة (٢٩١) .

وعند البيهقي: (أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت وفت، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (١٢٨) .

الإفطار في رمضان من غير عذر

فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضَبُعَيَّ، وأتيا بي جباً فقالا لي: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. قال: فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قال: هذا عواء أهل النار. ثم انْطُلِق بي، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هم الذين يفطرون قبل تحلة صومهم.

أخرجه ابن حبان والحاكم (١/٢٩٠،٢١٠) ، وصححه الألباني في الصحيحة (٣٩٥١) .

الغلول من الغنائم:

دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي غل الثوب في بعض مغازيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: (والذي نفسي بيده إن الشملة [ثوب] التي أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تُصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً) أخرجه البخاري (٤٢٣٤) ومسلم (١١٥) .

والغلول: هو أخذ الغازي شيئاً من الغنيمة دون عرضه على ولي الأمر لقسمته.

جرّ الثوب خيلاء

يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجلٌ يجر إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة) أخرجه البخاري (٣٤٨٥) ومسلم (٢٠٨٨) .

والتجلجل: أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق.

فالمعنى: يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً.

السرقة من الحُجَّاج

دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف.. وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ؛ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ) رواه مسلم (٩٠٤) والمحجن: عصا معوجة الرأس.

حبس الحيوان وتعذيبه وعدم رحمته

ففي حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ فِيهَا [أي النار] صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا) رواه مسلم (٩٠٤) .

قال البيهقي في كتابه "إثبات عذاب القبر" (ص ٩٧) : " ورأى حين صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار، ومن يعذب في السرقة، والمرأة التي كانت تعذب في الهرة وقد صاروا في قبورهم رميماً في أعين أهل زمانه، ولم ير من صلى معه من ذلك ما رأى " انتهى.

الدَّيْن

إن مما يضر الميت في قبره ما عليه من دين، فعَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ قَالَ: مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَتَرَكَ وَلَدًا صِغَارًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ) . قَالَ: فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ. قَالَ: (أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ) رواه أحمد (١٦٧٧٦) وابن ماجه (٢/٨٢) وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٥٥٠) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>