للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنده التهابات في الحلق لها رائحة كريهة، فهل يعذر في ترك الجماعة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد أصبت قبل عام بالتهاب حاد في الجيوب الأنفية مما نتج عنه خروج إفراز خلف الحلق نتن الرائحة بين حين وآخر مما جعلني في حرج كبير وأنا أصلي في المسجد حيث إنني أقوم بكتم نفسي من تكبيرة الإحرام وحتى الانتهاء من الصلاة لكي لا أؤذي المصلين وهذا العمل يتعبني حقيقة. كما أنني مصاب بالرهاب الاجتماعي وأقوم بأداء الصلاة في مساجد تبعد عن مسجد الحي كمساجد على الطرقات السريعة أو مساجد في محطات البنزين. السؤال: ما حكم الصلاة في المنزل والحال كما ذكرت لكم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لقد ذكرت سببين تريد ترك الصلاة في الجماعة لأجلهما.

أما السبب الأول: فهو الرائحة الكريهة التي تخرج من فمك بحيث تؤذي من حولك من المصلين، وهذه عذر في سقوط وجوب صلاة الجماعة في المسجد، بل لا يحل المجيء إلى المسجد وإيذاء الملائكة والمصلين بهذه الرائحة.

قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى " (١/٦٩٩) : "وكره حضور مسجد وجماعته لآكل نحو بصل أو فجل أو كراث , وكل ما له رائحة كريهة , حتى يذهب ريحه، وكذا نحو من به بخر وصُنان , وجزار له رائحة منتنة , ويستحب إخراجهم دفعا للأذى " انتهى بتصرف.

و"البَخَر" هو الرائحة الكريهة التي تخرج من بعض الناس.

و"الصُّنان" هو رائحة الإبط الكريهة.

وقال في "أسنى المطالب" (١/٢١٥) : " ويؤخذ مما ذكر أنه يُعذر بالبَخَر والصُّنَان المستحكم بطريق الأولى " انتهى.

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: "إذا كان فيه بَخَرٌ: أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه" انتهى. " الشرح الممتع " (٤ / ٣٢٣) .

وقد نُهي آكل البصل والثوم عن حضور المسجد، لما لهما من رائحة كريهة.

روى مسلم (٥٦٤) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ) .

وإذا كان من عادة هذا المريض أن يصلي في المسجد جماعة: فإنه يكتب له أجرها ولو صلى في بيته.

قال الشيخ ابن عثيمين:" المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً) " انتهى. " الشرح الممتع " (٤ / ٣٢٣) ، وانظر جواب السؤال رقم (٨٩١٠) .

وأما السبب الثاني: الرهاب الاجتماعي الذي يصيبك عند الاختلاط بالناس في المسجد وغيره، فهذا المرض لا يعد من الأعذار التي تبيح لك التخلف عن الجماعة، إذ لا ضرورة لذلك، كما أنه خوف مظنون غير مقطوع به، كما أنه مفض إلى ما هو أسوأ منه من الأمراض النفسية المختلفة كما قرر ذلك أهل التخصص، وهذا ما تأباه الشريعة ولا تقره بحال.

بل عليك مراجعة الطبيب للتداوي من هذا المرض، وألا تستسلم له.

ونسأل الله تعالى لك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>