للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استحباب قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة في الصلاة

[السُّؤَالُ]

ـ[بعد قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، هل يجوز أن نقرأ جزءاً من سورة كبيرة بدلاً من أن نقرأ سورة كاملة؟ وبهذا نتم قراءة بعض السور الطويلة خلال الصلاة كلها بدلاً من قراءة العديد من السور القصيرة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم، يجوز أن تقرأ في الصلاة جزءاً من سورة كبيرة، بدلاً من أن تقرأ سورة قصيرة كاملة. ولكن الأفضل أن تقرأ سورة كاملة في كل ركعة سورة. وهذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب، فقد روى البخاري (٧٦٢) ومسلم (٤٥١) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ سُورَةٍ – يعني: يقرأ سورة في كل ركعة-) . فهذا الحديث يدل على (أن قراءة سورة قصيرة بكمالها أفضل من قراءة قدرها من طويلة) اهـ شرح مسلم للنووي (٤/١٧٤) . لأن قول أبي قتادة: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ) يدل على مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، أو أن ذلك كان أغلب فعله. فتح الباري (٢/٢٤٤) .

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة بعض السورة في الركعة، فقد روى مسلم (٧٢٧) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ... ) البقرة/١٣٦. وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) آل عمران/٦٤. فهذا الحديث يدل على جواز قراءة بعض سورة في الركعة. نيل الأوطار ٢/٢٥٥.

وقال ابن القيم رحمه الله: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم قراءة السورة كاملة، وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه. وأما قراءة السورتين في ركعة فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض فلم يحفظ عنه. وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (إني لأعرف النظائر التي كان رسول الله يقرن بينهن السورتين في الركعة الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ون في ركعة. . الحديث فهذا حكاية فعل لم يعين محله هل كان في الفرض أو في النفل؟ وهو محتمِلٌ. وأما قراءة سورة واحدة في ركعتين معا فقلما كان يفعله. وقد ذكر أبو داود عن رجل من جهنية أنه سمع رسول الله يقرأ في الصبح (إذا زلزلت) في الركعتين كلتيهما، قال: فلا أدري أنسي رسول الله أم قرأ ذلك عمدا؟ اهـ زاد المعاد (١/٢١٤-٢١٥) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لا بأس أن يقرأ الإنسان آيةً من سورةٍ في الفريضة وفي النافلة. وربما يُستدل له أيضاً بعموم قوله تعالى: (فاقرأوا ما تيسر منه) المزمل/٢٠. لكن السنة والأفضل أن يقرأ سورة، والأكمل أن تكون في كل ركعة، فإن شق فلا حرج أن يقسم السورة بين الركعتين اهـ الشرح الممتع (٣/١٠٤) .

وفقنا الله تعالى جميعاً إلى العلم النافع والعمل الصالح.

والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>