للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مهر الحور العين

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحيح أن الحصى والفتات الموجود في المسجد هو عبارة عن مهر للحور العين؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لم يرد تعيين مهر الحور العين في حديث صحيح، وكل ما ورد فيه فهو إما ضعيف جدا أو موضوع، ومجموع ما ورد في ذلك عن ستة من الصحابة:

١- عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا قال: (كم من حوراء عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة أو تمر)

رواه العقيلي (١/٤٢) وعنه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/٢٥٣) وابن حبان في "المجروحين" (١/٩٨)

قال ابن الجوزي: " المتهم به أبان. قال أبو حاتم بن حبان: أبان بن المحبر يأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم حتى لا يشك المتبحر في هذه الصناعة أنه كان يعملها، لا تجوز الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار، وهو الذى روى عن نافع هذا الحديث وهو باطل، وقال الدارقطني: أبان متروك " انتهى.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (رقم/٦٤١) : " قال أبِي: هذا حدِيثٌ باطِلٌ، وأبانٌ هذا مجهُولٌ ضعِيفُ الحدِيثِ " انتهى. وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/٥٧١) : موضوع.

٢- ويروى عن أبي هريرة أيضا حديث: (مهر الحور قبضات التمر وفلق الخبز)

رواه ابن عدي في "الكامل" (٥/٢٥) وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/٢٥٣) وقال: " المتهم به عمر بن صبح. قال ابن حبان: كان يضع الحديث عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب " انتهى.

٣- ومما اشتهر أيضا بين الناس مما لا يصح، حديث أنس: (كنس المساجد مهور الحور العين)

رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (برقم/٤٨٩٦) وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/٢٥٣) وقال:

" فيه مجاهيل. وعبد الواحد ليس بثقة. قاله يحيى. وقال البخاري والفلاس والنسائي: متروك الحديث " انتهى. وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في "السلسلة الضعيفة" (برقم/٤١٤٧)

٤- ويحكى عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:

(يا علي! أعط الحور العين مهورهن: إماطة الأذى عن الطريق، وإخراج القمامة من المسجد، فذلك مهر الحور العين)

أخرجه الديلمى في "مسند الفردوس" (رقم/٨٣٣٥) وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (رقم/٥٥٣) وعزاه في "كنز العمال" (١٦/٢٢٩) لابن النجار. وفي إسناد ابن شاهين: المعافى بن مطهر، ومورع بن جبير لم أقف لهما على ترجمة، إلا شيئا يسيرا عند ابن ماكولا في "الإكمال" (٧/٢٦٣)

٥- وجاء أيضا عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قبضات التمر للمساكين مهور الحين العين)

أخرجه الديلمى في "الفردوس" (برقم/٤٦٤٥) وابن الجوزي في "الموضوعات" (٣/٢٥٣) وعزاه السيوطي في "جامع الأحاديث" (برقم/١٥٠٩٣) إلى الدارقطني في "الأفراد"

قال ابن الجوزي: " تفرد به طلحة عن الوضين. قال السعدي: الوضين واهى الحديث. قال النسائي: وطلحة متروك. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه " انتهى.

وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في "السلسلة الضعيفة" (رقم/٦١٩٧)

٦- ويروى عن أبي قرصافة واسمه " جندرة " حديث في مهر الحور العين: (إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين)

أخرجه الطبرانى (٣/١٩) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥ /١١٠) وأبو بكر الشافعى فى الفوائد (٢/٢٣/٢) وابن منده فى "المعرفة" (٢/٢٥٩ برقم/٦٣٤٠) وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٤/١٤٤) لأبي بكر الشافعي في رباعياته. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/١١٣) : " في إسناده مجاهيل " انتهى. وقال الشيخ الألباني "السلسلة الضعيفة" (رقم١٦٧٥) : " وهذا إسناد مظلم، مَن دون أبي قرصافة ليس لهم ذكر في شيء من كتب الرجال، حاشا محمد بن الحسن بن قتيبة، فإنه حافظ ثقة ثبت " انتهى.

والحاصل أنه لم يصح حديث في تعيين مهر الحور العين، ولذلك قال ابن الجوزي رحمه الله في "الموضوعات" (٣/٢٥٤) :

" هذا حديث لا يصح من جميع جهاته " انتهى.

ثانيا:

مهر الحور العين الحقيقي هو كل عمل صالح يقرب إلى الله تعالى، ويكون سببا في دخول الجنة.

يقول القرطبي رحمه الله في "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص/٥٥٦) :

" باب ما جاء أن الأعمال الصالحة مهور الحور العين.

أورد فيه بعض الأحاديث السابقة ثم قال:

وقال محمد بن النعمان المقري:

كنت قاعدا عند الجلا المقرى بمكة في المسجد الحرام، إذ مر بنا شيخ طويل نحيل الجسم عليه أطمار خلقة، فقام إليه الجلا ووقف معه ساعة ثم انصرف إلينا فقال: هل تعرفون من هذا الشيخ؟ فقلنا: لا. فقال: ابتاع من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلما أكملها رآها في المنام في حليها وحللها فقال: من أنت؟ فقالت: أنا الحور التي ابتعتني من الله تعالى بأربعة آلاف ختمة هذا الثمن فما نحلتي أنا منك؟ قال: ألف ختمة قال الجلا: فهو يعمل فيها بعد.

وروى عن سحنون أنه قال: كان بمصر رجل يقال له سعيد، وكانت له أم من المتعبدات، وكانت إذا قام من الليل يصلي تقوم والدته خلفه، فإذا غلب عليه النوم ونعس تناديه والدته:

" يا سعيد! إنه لا ينام من يخاف النار، ويخطب الحور الحسان " فيقوم مرعوبا.

ويروى عن ثابت أنه قال: كان أبي من القوامين لله في سواد الليل قال: رأيت ذات ليلة في منامي امرأة لا تشبه النساء فقلت لها: من أنت؟ فقالت حوراء أمة الله فقلت لها: زوجيني نفسك. فقالت: اخطبني من عند ربي وأمهرني. فقلت: وما مهرك؟ فقالت: طول التهجد. وأنشدوا:

يا خاطب الحور في خدرها وطالبا ذلك على قدرها

انهض بجد لا تكن وانيا وجاهد النفس على صبرها

وقم إذا الليل بدا وجهه ... وصم نهارا فهو من مهرها

وقال مالك بن دينار: كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة، فنمت ذات ليلة، فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال، وبيدها رقعة فقالت: أتحسن أن تقرأ؟ فقلت: نعم فدفعت إلي الرقعة فإذا فيها مكتوب هذه الأبيات:

لهاك النوم عن طلب الأماني وعن تلك الأوانس في الجنان

تعيش مخلدا لا موت فيها وتلهو في الخيام مع الحسان

تنبه من منامك إن خيرا ... من النوم التهجد بالقران " انتهى باختصار.

وبنحوه في كلام ابن رجب في رسالته "اختيار الأولى" (ص/١٢) وفي "لطائف المعارف" (ص/١٥٩)

وانظر سؤال رقم (١٠٠٥٣) عن الحور العين.

وأما تنظيف المساجد فهو أمر مندوب إليه، وجاءت فيه أدلة كثيرة في الحث عليه وبيان فضله، وسبق في موقعنا ذكر شيء منها في جواب السؤال رقم: (٢٠١٦٠)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>