للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يعذر بترك الجماعة في أوقات الامتحانات؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل على الطالب في فترة الامتحانات ترك صلاة الجماعة؟ وما توجيهاتكم ونصائحكم لمن يقوم بذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال القادرين، على الصحيح من قولي العلماء؛ لأدلة كثيرة، سبق بيانها في جواب السؤال رقم (١٢٠) ورقم (٨٩١٨) .

ولا فرق بين أن يكون الطالب في فترة الامتحانات أو غيرها، فإذا كان يسمع النداء للصلاة وجبت عليه الجماعة حيث ينادى بها.

لكن إن أقيمت الصلاة وهو في غرفة الامتحان، لم ينته بعد، فهو معذور بترك الجماعة، وهذا من جنس ما ذكره الفقهاء من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؛ إذ يترتب على الخروج من الامتحان رسوبه أو نقص درجته، وفي هذا حرج ظاهر.

قال في "كشاف القناع" (١/٤٩٦) : " ويعذر في ترك الجمعة والجماعة من يدافع الأخبثين البول والغائط ... أو خائف من ضرر في ماله، أو في معيشة يحتاجها , أو أطلق الماء على زرعه أو بستانه , يخاف إن تركه فسد، أو كان مستحفَظا على شيء يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه , كناطور بستان (الحارس) ونحوه ; لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق " انتهى بتصرف.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أنا طالب في المدرسة في سن العشرين أدرس في خارج بلدي التي نشأت فيها والدراسة تنتهي بعد صلاة الظهر بنصف ساعة، هل يجوز لي أن أتأخر عن الصلاة أو عن صلاة الجماعة وأنا في المدرسة؟

فأجاب: " صلاة الجماعة واجبة على الإنسان إلا إذا تضرر في معيشةٍ يحتاجها أو نحو ذلك، فإذا كان يلحقه ضرر في مفارقة الفصل لصلاة الجماعة فلا حرج عليه أن يبقى في الفصل، وإذا كان لا يلحقه ضرر وجب عليه أن يصلي مع الجماعة، ثم إذا كان يمكن أن يصلي هو وزملاؤه بعد انتهاء الدرس جماعةً فهذا أسهل وأهون؛ لأن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن الجماعة لا يجب فعلها في المساجد، مع أن القول الراجح أن الجماعة يجب أن تصلى في المساجد المعدة لها، كما هي عادة السلف الصالح من الصحابة والتابعين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".

وينبغي للقائمين على الامتحانات أن يراعوا أوقات الصلوات عند اختيار وقت الامتحان.

والمؤسف أن منهم من لا يبالي بذلك، فيجعل وقت الامتحان مستغرقا لوقت الصلاة، وأقبح منه من يجعل وقت الامتحان أثناء صلاة الجمعة، نسأل الله العافية.

وأما ترك صلاة الجماعة في وقت الاستعداد للامتحانات، بحجة التفرغ، فمنكر ظاهر، وقد يكون سببا من أسباب عدم التوفيق، فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما هي الأعذار الشرعية لترك صلاة الجماعة، وهل يجوز لطالب دراسي اقترب موعد امتحانه وخاف لضيق وقته ولكي لا يتشتت ذهنه، ويربط المواضيع الدراسية أن لا يلتزم بالجماعة في الصلوات الخمس المفروضة؟

فأجابوا: "من الأعذار التي تبيح للرجل التخلف عن صلاة الجماعة بالمسجد: المرض الشديد الذي يشق معه الذهاب إلى المسجد، وخوفه إذا صلى بالمسجد أن يقتله من يترصد له في طريقه إلى المسجد أو في المسجد أو يقبض عليه ويسجنه ظلما وعدوانا، وتمريضه لشخص لو تركه ليصلي جماعة هلك أو أصابه حرح، وأمثال ذلك، وليس من الأعذار ضيق وقت الطالب بصلاة الجماعة وخوفه من تشتت فكره وعدم تمكنه من المذاكرة وربط المعلومات الدراسية بعضها ببعض، فالوقت واسع وزمن الدراسة شهور، وزمن أداء الصلوات الخمس في جماعة بالمسجد قصير بالنسبة لتلك الشهور، وضيق الوقت إنما هو من تفريطه في أداء الواجب في وقته وتأخيره لقرب الاختبار، لا من أداء واجب الصلاة في جماعة، وأداء الصلاة في جماعة بالمسجد من أعظم وأعلى أنواع تقوى الله، وقد قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٨/٣٩) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>