للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل صلاة النساء بجوار الرجال مع الفاصل صحيحة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[يوجد في بلدنا مسجد يصلي فيه النساء بجوار الرجال لكن يفصل بينهما جدار فهل هذا العمل صحيح أو لابد أن يصلي النساء خلف الرجال؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

إذا صلت المرأة بمحاذاة الرجل وكان بينهما حائل من جدار أو فرجة يمكن أن يقوم فيها مصلٍ، فالصلاة صحيحة عند عامة أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. وإنما وقع الخلاف بينهم فيما إذا صلت إلى جنبه بلا حائل، فذهب الحنفية إلى أنها تُبطل صلاة ثلاثة من الرجال، واحد عن يمينها، وآخر عن يسارها، وثالث خلفها، بشروط ذكروها، وحاصلها: أن تكون المرأة مشتهاة، وهي من بلغت سبع سنين، أو كانت تصلح للجماع، على خلاف في المذهب، وأن تدخل مع الرجل في صلاة مطلقة أي لها ركوع وسجود، ويشتركان في التحريمة والأداء، وأن يكون الإمام قد نوى إمامتها أو إمامة النساء بصفة عامة، في تفاصيل أخر، تعرف بالرجوع إلى كتبهم. ينظر: "المبسوط" (١/١٨٣) ، "بدائع الصنائع" (١/٢٣٩) ، "تبيين الحقائق" (١/١٣٦- ١٣٩) .

قال النووي رحمه الله تعالى مبينا الخلاف في المسألة وملخصا مذهب الحنفية: " إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إماما أو مأموما، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون , وقال أبو حنيفة: إن لم تكن المرأة في صلاة أو كانت في صلاة غير مشاركة له في صلاته صحت صلاته وصلاتها , فإن كانت في صلاة يشاركها فيها - ولا تكون مشاركة له عند أبي حنيفة إلا إذا نوى الإمام إمامة النساء - فإذا شاركته فإن وقفت بجنب رجل بطلت صلاة من إلى جنبيْها , ولا تبطل صلاتها ولا صلاة من يلي الذي يليها ; لأن بينه وبينها حاجزا , وإن كانت في صف بين يديه (يعني: أمامه) بطلت صلاة من يحاذيها من ورائها , ولم تبطل صلاة من يحاذي محاذيها ; لأن دونه حاجزا، فإن صف نساء خلف الإمام وخلفهن صف رجال بطلت صلاة الصف الذي يليهن , قال: وكان القياس أن لا تبطل صلاة من وراء هذا الصف من الصفوف بسبب الحاجز , ولكن نقول تبطل صفوف الرجال وراءه , ولو كانت مائة صف استحسانا , فإن وقفت بجنب الإمام بطلت صلاة الإمام ; لأنها إلى جنبه ومذهبه أنها إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأمومين أيضا , وتبطل [صلاتها] أيضا ; لأنها من جملة المأمومين.

وهذا المذهب ضعيف الحجة، ظاهر التحكم والتمسك بتفصيل لا أصل له , وعمدتنا أن الأصل أن الصلاة صحيحة حتى يرد دليل صحيح شرعي في البطلان , وليس لهم ذلك ... وقاس أصحابنا على وقوفها في صلاة الجنازة فإنها لا تبطل عندهم , والله أعلم بالصواب وله الحمد والنعمة والمنة , وبه التوفيق والهداية والعصمة" انتهى من المجموع (٣/٣٣١) باختصار يسير.

أما مع وجود الحائل فقد اتفق الأحناف مع الجمهور على أنه لا تبطل صلاة واحد منهما، كما في "تبيين الحقائق" (١/١٣٨)

ثانيا:

لا شك أن السنة أن تكون صفوف النساء خلف الرجال، كما كان الحال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى البخاري (٣٨٠) ومسلم (٦٥٨) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ) .

قال الحافظ في الفتح: " وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: ... َتَأْخِير النِّسَاء عَنْ صُفُوف الرِّجَال , وَقِيَام الْمَرْأَة صَفًّا وَحْدهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اِمْرَأَة غَيْرهَا " انتهى.

لكن إذا حصل ما ذكرتَ من كونهن يحاذين الرجال، فالصلاة صحيحة والحمد لله.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>