للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز له إتمام الشراء وهو يسمع النداء بالصلاة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أحيانا عندما أكون في السوق وأكون في محل وقد اخترت البضاعة وأكون قد وصلت المحاسبة وقد أذن فهل يجوز لي إتمام البيع أو يحرم ذلك؟ كذلك أحيانا نكون في السيارة ويكون المؤذن قد أذن فنقف عند بقالة ويطلب أخي من البقالة شيئا فهل هذا يدخل تحت التحريم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا كان ذلك في أذان صلاة الجمعة الذي يكون بعد صعود الخطيب المنبر، فيحرم البيع والشراء حينئذ، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الجمعة/٩.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) معناه: ترك الاشتغال بالتجارة والتوجه لسماع الخطبة وأداء صلاة الجمعة في المسجد مع الإمام، وهذا يعني: تحريم البيع والشراء بعد الأذان الثاني الذي هو عند جلوس الخطيب على المنبر حتى تنتهي الصلاة، إلا لضرورة تدعو إلى الشراء؛ كماء للطهارة أو ثوب يستر به عورته للصلاة" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣ / ١٠١-١٠٢)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"إن البيع بعد نداء الجمعة الثاني حرام وباطل أيضا، وعليه فلا يترتب عليه آثار البيع، فلا يجوز للمشتري التصرف في المبيع؛ لأنه لم يملكه، ولا للبائع أن يتصرف في الثمن المعين؛ لأنه لم يملكه، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن بعض الناس ربما يتبايعون بعد نداء الجمعة الثاني ثم يأخذونه على أنه ملك لهم " انتهى.

"الشرح الممتع" (٨/٥٢) .

فلا يجوز البيع والشراء بعد الأذان الثاني للجمعة، لأن الواجب السعي إلى المسجد لسماع الخطبة والصلاة، والبيع يشغل عن ذلك.

أما إذا كان ذلك في سائر الصلوات (الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء) فلا حرج من ذلك، بشرط ألا يشغل عن صلاة الجماعة، ويكون سبباً في تضييعها.

وقد قال الله تعالى: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور/٣٧.

"فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك لا محذور فيه. لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه" انتهى من "تفسير السعدي" (ص/ ٥٦٩) .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يحرم البيع أثناء الأذان وبعده، وكيف الحال في يوم الجمعة؟

فأجاب:

"قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فلا يجوز البيع والشراء ولا الإجارة ولا المساقاة ولا غير ذلك، بل يجب أن يتفرغ العباد لصلاة الجمعة، ويبادر لصلاة الجمعة، ولا يتشاغل بشيء آخر.

أما الأوقات الأخرى فقد تلحق بالجمعة وقد لا تلحق، فالأحوط له أن لا يفعل شيئاً بعد الأذان، بعد أذان بعد الظهر أو العصر أو المغرب؛ لأنه قد يشغله عن الجماعة، فالأحوط له أن يحذر ذلك إلا أن يكون شيئاً يسيراً ما يشغل فلعله لا حرج فيه؛ لأن الله - جل وعلا - إنما جاء عنه النص في مسألة الجمعة؛ لأن أمرها عظيم، ويجب حضورها، وتفوت بفواتها، فأمرها أعظم، وهي فرض الأسبوع.

فالمقصود: أن الجمعة لا يقاس عليها غيرها، لكن إذا هجر هذا الشيء وابتعد عنه لئلا يشغله عن الجماعة كان هذا أولى.

وبكل حال ... إذا كان بيعه قد يشغله عن أداء الصلاة في الجماعة حُرم، لكن في بعض الأحيان تكون الصلاة متأخرة، إذا تأخر الإمام، ويمكن للإنسان في طريقه أن يشتري سلعة ويبيعها، قد لا يضر حضوره الصلاة. وكونه يبتعد عن هذا الشيء، ويستأنس بما جاء في الجمعة يكون هذا أحوط حتى يتشبه بالجمعة في الحذر" انتهى.

(من فتاوى نور على الدرب)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>