للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم القيام برحلة صيد يوم الجمعة

[السُّؤَالُ]

ـ[عندنا في العمل بعض الزملاء غير الملتزمين يريدون أن يذهبوا في رحلة صيد أسماك لمدة يوم وأريد أن أذهب معهم ولكن هذا اليوم الذي وقع عليه الاختيار هو يوم الجمعة فأولاً: هل أذهب معهم؟ وثانيا: إذا ذهبت هل يكون علينا صلاة جمعة؟ وكيف نصلى الصلوات ونحن في عرض البحر؟ وهل نجمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء ونقصر؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

ذكرت أن زملاءك الذين يريدون أن تذهب معهم في رحلة الصيد غير ملتزمين:

فإن كانت مصاحبتهم ستعود عليك وعليهم بالنفع والفائدة والمصلحة، كأن تأمرهم بالصلاة وتحثهم على صنائع المعروف، وتنهاهم عن المنكر فلا بأس بمصاحبتهم، وإن كنت تخشى من مصاحبتهم ما يُخشى من مصاحبة غير المستقيمين من الانحراف وعدم تقوى الله فنرى لك عدم مصاحبتهم؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) رواه الترمذي (٢٣٩٥) حسنه الألباني في "صحيح الترمذي".

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه أبو داود (٤٨٣٣) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.

قال في عون المعبود:

"أَيْ: يَتَأَمَّل وَيَتَدَبَّر مَنْ يُخَالِلْ: فَمَنْ رَضِيَ دِينه وَخُلُقه خَالَلَهُ، وَمَنْ لَا تَجَنَّبَهُ فَإِنَّ الطِّبَاع سَرَّاقَة" انتهى.

ثانيا:

إذا كانت المسافة التي تقطعونها – برا أو بحرا – هي مسافة القصر، فأنتم مسافرون، تسقط عنكم الجمعة، ويستحب لكم أن تقصروا الصلاة، ولكم أن تجمعوا بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، تقديما أو تأخيرا، بحسب الأيسر لكم.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله:

"إذا سافر المسلم مسافة ٨٠ كيلو مترا تقريبا أو أكثر، للنزهة أو للصيد أو لغير ذلك من الأسباب المباحة شرع له القصر، فيصلي الأربع اثنتين، ويجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير، على حسب ما يراه أرفق به.

وإذا كان نازلا مستريحا فترك الجمع أفضل، فيصلي كل صلاة في وقتها قصرا" انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (٣٠/١٨٢) .

وإن كنتم في أقل من مسافة القصر، وكنتم تسمعون النداء للصلاة، فصلاة الجمعة والجماعة مع جماعة المسلمين واجبة عليكم.

والاعتبار في سماع النداء: أن يكون بصوت المؤذن بدون مكبر للصوت، والأصوات هادئة، والريح ساكنة.

وقد قدَّر العلماء هذه المسافة بنحو ٥ كيلو متر تقريباً.

راجع: "المجموع" (٤/٣٥٣) ، "المغني" (٢/١٠٦) .

وانظر جواب السؤال رقم (٢٠٦٥٥) ، (٣٩٠٥٤) .

وإن كنتم لا تسمعون النداء للصلاة، فقد سقطت عنكم صلاة الجمعة والجماعة في المسجد مع المسلمين، وتجب عليكم الصلاة حيث كنتم، جماعة.

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:

بعض المسلمين يخرجون أيام العطل خارج مدينة الرياض للنزهة غير ناوين السفر , ويأخذون معهم القليل من الماء وعند الصلاة يتيممون بدلا من الماء بحجة قلة الماء؟

فأجاب: " إذا خرجوا للنزهة وحضرت الصلاة وليس عندهم إلا ماء قليل بقدر حاجتهم والماء بعيد عنهم , صلوا بالتيمم , لكن إذا حملوه معهم يكون أفضل إذا تيسر ذلك ...

أما صلاة الجمعة فلا تجب عليهم إذا كانوا بعيدين عن البلد لا يسمعون الأذان , فرسخا أو أكثر " انتهى ملخصا.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٠/٢٠٢) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

شباب خرجوا في رحلة إلى منطقة بعيدة ونزلوا في مكان بعيد من البلد لكنهم ما زالوا يسمعون الأذان بسبب وجود المكبرات، فهل تلزمهم الجمعة والجماعة مع أهل ذلك البلد؟

فأجاب:

"لا تلزمهم، يعني: إذا بعدوا عن البلد بحيث لا يسمعون صوت المؤذنين ولولا وجود مكبر الصوت فلا تلزمهم، وأما إذا كانوا قريبين من البلد بحيث لو كان المؤذنون يؤذنون بغير مكبر لسمعوه فإنه يلزمهم" انتهى.

"لقاء الباب المفتوح" (١٤٩/٢٧) .

والذي ننصحكم به: عدم الخروج للتنزه أو الصيد يوم الجعة، إن كانت تفوتكم صلاة الجمعة، أما إن كانت لا تفوتكم: فلا بأس بخروجكم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"السفر يوم الجمعة إن كان بعد أذان الجمعة الثاني فإنه لا يجوز؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) الجمعة/٩.

فلا يجوز للإنسان أن يسافر في هذا الوقت؛ لأن الله قال: (فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) الجمعة/٩.

وإذا كان السفر قبل ذلك: فإن كان سيصلي الجمعة في طريقه مثل أن يسافر من بلده وهو يعلم أنه سيمر على بلد آخر في طريقه ويعرج عليه ويصلي الجمعة فيه، فهذا لا بأس به، وإن كان لا يأتي بها في طريقه، فمن العلماء من كرهه، ومن العلماء من حرمه، ومن العلماء من أباحه، وقال: إن الله تعالى لم يوجب علينا الحضور إلا بعد الأذان.

والأحسن ألا يسافر إلا إذا كان يخشى من فوات رفقته أو مثل أن يكون موعد الطائرة في وقتٍ لا يسمح له بالحضور أو ما أشبه ذلك، وإلا فالأفضل أن يبقى" انتهى.

"لقاءات الباب المفتوح" (٣/١٠٤) .

وقد اختار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء تحريم السفر يوم الجمعة إذا كان يترتب عليه تضييع صلاة الجمعة، فقد سئلوا: ما حكم خروج بعض الناس إلى البر أو البحر يوم الجمعة، بدعوى أنهم لا يتوافر لهم وقت للرحلة إلا يوم الجمعة؟

فأجابوا:

"إذا تيسر لهم صلاة الجمعة في رحلتهم وحضروا صلاة الجمعة وأدوها فلا حرج عليهم، وإذا ترتب على رحلتهم فوات صلاة الجمعة بالنسبة لهم فلا تجوز الرحلة لما يلزمها من تضييع الفريضة" انتهى.

"فتاوى إسلامية" (١/٦٧٣) .

ثالثا:

أما كيفية الصلاة وأنتم في عرض البحر: فتصلون في البحر كما تصلون في البر إلا إذا خشيتم الغرق، فتصلون بحسب حالكم، كيف تيسر لكم.

وقد روى الحاكم (١٠١٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة؟ فقال: كيف أصلي في السفينة؟ فقال: (صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٧٧٧) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>