للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم النداء بـ صلاة العيد أثابكم الله

[السُّؤَالُ]

ـ[أحيانا يقولون: " صلاة العيد أثابكم الله " قبل الصلاة , ماذا يفعل المرء إذا أصروا على هذه الأشياء , هل يصلي في بيته؟ جزاكم الله خيرا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

اتفق الفقهاء على عدم مشروعية الأذان والإقامة لصلاة العيد.

وفي صحيح مسلم (٨٨٦) أن ابْنُ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَا: (لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى) .

قال ابن جريج: ثُمَّ سَأَلْتُهُ ـ يعني: عطاءً ـ بَعْدَ حِينٍ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَنِي قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ: (أَنْ لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ، وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ، وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ؛ لَا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلَا إِقَامَةَ) .

واختلفوا في النداء لها بكلام آخر كقولهم " الصلاة جامعة "، أو " صلاة العيد يرحمكم الله " ونحو ذلك، على قولين:

القول الأول: المنع، قالوا فلا ينادى لها بشيء، لا يقال: " الصلاة جامعة "، ولا غير ذلك، وهو أحد القولين في مذهب المالكية والحنابلة.

قال ابن قدامة رحمه الله:

" عن عطاء , قال: أخبرني جابر أن لا أذان يوم الفطر حين يخرج الإمام , ولا بعد ما يخرج الإمام , ولا إقامة , ولا نداء ولا شيء , لا نداء يومئذ ولا إقامة. رواه مسلم

وقال بعض أصحابنا: ينادى لها: الصلاة جامعة. وهو قول الشافعي. وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع " انتهى. " المغني " (٢/١١٧)

وقال الحطاب المالكي رحمه الله:

" (ولا ينادي الصلاة جامعة) قال ابن ناجي في شرح الرسالة الذي تلقيناه من شيوخنا: إن مثل هذا اللفظ بدعة لعدم وروده انتهى.

وقال الشيخ يوسف بن عمر ولا بأس أن يقول: الصلاة جامعة وإن كانت بدعة.

وفي " التوضيح " و " الشامل " و " الجزولي " أنه ينادي: " الصلاة جامعة " " انتهى. " مواهب الجليل شرح مختصر خليل " (٢/١٩١)

وقال ابن عليش المالكي رحمه الله:

" (ولا ينادَى) لفعلها بنحو قول (الصلاة جامعة) أي: يُكره، أو يُخالف الأولى لعدم ورود ذلك فيها، وبالكراهة صرح في " التوضيح " و " الشامل " و " الجزولي

وصرح ابن ناجي وابن عمر وغيرهما بأنه بدعة.

وما ذكره الخرشي من أنه جائز غير صواب، وما ذكره من أن الحديث ورد بذلك فيها فهو مردود بأنه لم يرد في العيد , وإنما ورد في الكسوف كما في " التوضيح " و " المواق " وغيرهما عن " الإكمال ".

وقياس العيد على الكسوف لا يصح لتكرر العيد وشهرته وندور الكسوف.

نعم نقل " المواق " أول باب الأذان أن " عياضا " استحسن أن يقال عند كل صلاة لا يؤذن لها: " الصلاة جامعة " لكن المصنف لم يعرج عليه. " انتهى.

" منح الجليل شرح مختصر خليل " (١/٤٦٠)

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة ":

" إذا قام الإمام لصلاة العيد فإنه يبدأ بتكبيرة الإحرام، ولا يقول للناس قبلها: الصلاة جامعة، ولا صلاة العيد، ولا غير ذلك من الألفاظ؛ لعدم ورود ما يدل عليه، وإنما ينادى بـ: " الصلاة جامعة " في كسوف الشمس، وخسوف والقمر " انتهى.

(٨/٣١٤)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" وقال بعض العلماء؛ وهو المذهب: إنه ينادى للاستسقاء، والعيدين: " الصلاة جامعة " لكن هذا القول ليس بصحيح، ولا يصح قياسهما على الكسوف لوجهين:

الوجه الأول: أن الكسوف يقع بغتة، خصوصاً في الزمن الأول لما كان الناس لا يدرون عنه إلا إذا وقع.

الوجه الثاني: أن الاستسقاء والعيدين لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم ينادي لهما؛ وكل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله: ففعله بدعة؛ لأنه ليس هناك مانع يمنع الرسول صلّى الله عليه وسلّم من النداء، ولو كان هذا السبب يشرع له النداء لأمر المنادي أن ينادي لها.

فالصواب: أن العيدين والاستسقاء لا ينادى لهما " انتهى.

" الشرح الممتع " (٥/١٩٩) .

وهو اختيار الشيخ السعدي رحمه الله، كما في " المختارات الجلية " (ص/٥٣)

وقد سبق اختيار هذا القول، وتأييده بالنقول عن أهل العلم في جواب السؤال رقم: (٤٨٩٧٢)

القول الثاني: مشروعية النداء بقولهم: " الصلاة جامعة "، أو " الصلاة يرحمكم الله "، ونحو ذلك من الكلمات التي تشعر بإقامة الصلاة.

وهو قول الحنفية كما في " العناية شرح الهداية " (١/٤٢٤) ، وقول الشافعية، والصحيح عند الحنابلة، ومذهب الظاهرية كما في " المحلى " (٢/١٧٨) .

قال النووي رحمه الله:

" قال الشافعي والأصحاب: ويستحب أن يقال: الصلاة جامعة ; لما ذكرناه من القياس على الكسوف قال الشافعي في الأم: وأحب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد , وما جمع الناس من الصلاة: " الصلاة جامعة " أو " الصلاة " قال: وإن قال: " هلم إلى الصلاة " لم نكرهه وإن قال: " ح على الصلاة " فلا بأس، وإن كنت أحب أن يتوقى ذلك لأنه من كلام الأذان، وأحب أن يتوقى جميع كلام الأذان " انتهى.

" المجموع " (٥/٢٠)

وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله:

" (وينادى لعيد وكسوف واستسقاء: الصلاة جامعة , أو الصلاة)

قال في الفروع: وينادى لكسوف لأنه في الصحيحين , واستسقاء، وعيد: " الصلاة جامعة " أو " الصلاة ". وقيل: لا ينادى. وقيل: لا ينادى في عيد كجنازة وتراويح على الأصح فيهما، قال ابن عباس وجابر: (لم يكن يؤذن يوم الفطر حين خروج الإمام، ولا بعد ما يخرج , ولا إقامة، ولا نداء، ولا شيء) متفق عليه." انتهى.

" كشاف القناع " (١/٢٣٣) ، وانظر " الإنصاف " (١/٤٢٨) ، وقال في (٢/٤٥٩) : هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.

والراجح كما سبق ذكره هو القول الأول، أنه لا ينادى لصلاة العيد بشيء، فإن وقع ذلك فلا حرج على الحاضر، فهو قول معتبر لدى الفقهاء، ولا ينبغي أن يتسبب مثل ذلك في شقاق أو تدابر بين المصلين، خاصة في مثل ذلك اليوم؛ بل إن أمكنه أن يرشده القائمين على ذلك باللين والحسنى إلى ما هو الثابت في السنة، فبها ونعمت، وإلا حضر الصلاة معهم، ولا شيء عليه إن شاء الله. على أننا ننبه أن من أراد أن يعلم غيره السنة في ذلك، أو يدل على الصواب: فليكن ذلك قبل اجتماع الناس للصلاة، وأما إذا حضر الناس، فيصعب حينئذ أن يكون النصح والإرشاد هادئا ومفيدا، ولا يؤمن أن يترتب عليه ما يثير التباغض والتدابر، بل ما هو أكثر من ذلك.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه من القول والعمل، وأن يجنبنا وإياكم الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>