للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة والنار موجودتان، وهما باقيتان بإبقاء الله لهما

[السُّؤَالُ]

ـ[هل الجنة والنار موجودتان الآن؟ أم انهما لم يخلقا بعد؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

وبعد: فقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن لا يشك في ذلك أحد منهم لكثرة الأدلة الدالة على ذلك من الكتاب والسنة.

فمن نصوص الكتاب:

قوله تعالى عن الجنة: (أعدت للمتقين) آل عمران/١٣٣ وقوله: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) الحديد/٢١ وقال تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنتهى.عندها جنة المأوى) النجم/١٣-١٥.

وقوله عن النار (أعدت للكافرين) البقر/٢٤ ومعنى قوله تعالى: أعدت: أي هيئت. فهو دليل على أنهما موجودتان الآن.

وأما نصوص السنة:

فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ورأى عندها جنة المأوى كما في صحيح البخاري (٣٣٦) ومسلم (٢٣٧) واللفظ له من حديث أنس رضي الله عنه في قصة الإسراء، وفي آخره ثم " انطلق بي جبرائيل حتى أتى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدري ما هي قال: "ثم دخلت الجنة فإذا هي جنابذ [أي قباب] اللؤلؤ وإذا ترابها المسك ".

وفي البخاري (١٢٩٠) ومسلم (٥١١١) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة ".

وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل: " ينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها " وهو حديث صحيح صححه ابن القيم في تهذيب السن (٤ / ٣٣٧) والألباني في أحكام الجنائز (٥٩) .

وفي صحيح البخاري (٩٩٣) ومسلم (١٥١٢) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:" انخسفت الشمس على عهد رسول الله ـ فذكر الحديث ـ وفيه فقال: " إني رأيت الجنة وتناولت عنقودا ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا. ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع ... ".

وفي صحيح مسلم (٦٤٦) من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا. قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار ".

وفي سنن الترمذي (٢٤٨٣) وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا. قَالَ: " فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا. قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ؛ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ؛ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا " وقَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.وقال الحافظ في الفتح (٦ / ٣٢٠) : " إسناده قوي ".

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا. وقد عقد البخاري في صحيحه بابا قال فيه:" باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة " وذكر أحاديث منها ما تقدم من أن الله يُري الميت مقعده من الجنة والنار بعد أن يوضع في قبره.

فما بقي على العبد إلا أن يشمر ويجتهد في طاعة ربه والكف عن معصيته رجاء الفوز جنته والنجاة من أليم عقابه. والله تعالى أعلم.

يراجع: شرح العقيدة الطحاوية للإمام ابن أبي العز الحنفي (١ / ٤٧٥ وما بعدها) ، وكتاب الجنة والنار للشيخ / عمر الأشقر (١٣ - ١٨) .

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>