للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي

[السُّؤَالُ]

ـ[أصبح من المعروف أن الكسوف ليست إلا ظاهرة تحدث في فترة (يمكن أن تكون معلومة الوقت) يكون فيها القمر بين الشمس والأرض.

فلماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ذلك الوقت؟ فهي لا تسبب أي أذى.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله وحده

وبعد.. فإنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادي، الصلاة جامعة. فصلى بالناس ثم خطبهم، وبين لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية، وبين لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة، والدعاء، والصدقة، قال عليه الصلاة والسلام: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلوا، وتصدقوا ". ومعنى ذلك أن المسلمين لا يعرفون موعداً للكسوف، لكن متى حدث سارعوا إلى ما شرع الله لهم من الصلاة وغيرها.

وكانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذرا بنزول بلاء، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون. ولما انتشر في الأعصار المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف. بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل. ولكن لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله، كما بين العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سببا لحدوث شر يتضرر به العباد. وقول السائل أن الكسوف لايسبب أذى، قولٌ بغيرعلم، واعتراض على شرع الله، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله. فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه، والإيمان لحكمته، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى.

أملاه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك.

وكسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهماعباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعا يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها وأمّا نحن فقد أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت فلم يخسروا بصلاتهم وإنما غنموا أجرا كبيرا نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه وهم من الساعة مشفقون وصلى الله على نبينا محمد.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>