للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يجوز فعله من النوافل في وقت الكراهة

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو وقت الكراهة للصلاة؟ وهل يجوز أن يصلي المرء صلاة السنة في وقت الكراهة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

أوقات النهي عن الصلاة ثلاثة على سبيل الاختصار، وخمسة على سبيل البسط، وهي:

من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها مقدار رمح، ويقدر هذا الوقت باثنتي عشرة دقيقة، والاحتياط جعله ربع ساعة.

وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى تزول عن كبد السماء.

ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.

وعند شروع الشمس في الغروب إلى أن يتم ذلك.

وأما على سبيل الاختصار فهي:

من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح.

وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول.

ومن صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس.

وانظر أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (٤٨٩٩٨) .

ثانيا:

هذه الأوقات ينهى فيها عن صلاة التطوع، وأما فعل الفريضة، أو قضاؤها، فلا يتعلق به النهي.

"والأصل أن صلاة التطوع مشروعة دائما؛ لعموم قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج/ ٧٧، وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قضى له حاجة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (سل. قال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك - يعني: لا أسألك غيره - قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود) .

وعلى هذا؛ فالأصل في صلاة التطوع أنها مشروعة كل وقت للحاضر والمسافر، لكن هناك أوقاتاً نهى الشارع عن الصلاة فيها، وهذه الأوقات خمسة ... " انتهى من "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

ثالثا:

استثنى جماعة من الفقهاء أنواعاً من النفل يجوز فعلها في وقت النهي، وهي:

١- ركعتا الطواف؛ وذلك لما روى الترمذي (٨٦٨) والنسائي (٢٩٢٤) وأبو داود (١٨٩٤) وابن ماجه (١٢٥٤) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.

٢- إعادة الجماعة، فمن صلى الفريضة ثم أتى مسجد جماعة فوجدهم يصلون، فإنه يصلي معهم، ولو كان في وقت نهي، وصلاته معهم نافلة، وذلك لما روى الترمذي (٢١٩) والنسائي (٨٥٨) عن يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجلين لم يصليا معه، لأنهما كانا صليا في رحالهما: (إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.

٣- السنة الراتبة إذا شغل عنها حتى دخل وقت النهي، وكذلك سنة الظهر البعدية في حال جمع الظهر مع العصر، فيجوز فعلها بعد صلاة العصر. وقد شُغل النبي صلى الله عليه وسلم عن سنة الظهر البعدية، فصلاها بعد العصر، رواه البخاري (١٢٣٣) ومسلم (٨٣٤) .

٤- من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب؛ فإنه يصلي ركعتين خفيفتين، وذلك لما روى البخاري (٩٣١) ومسلم (٨٧٥) عن جابر رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: (أَصَلَّيْتَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) .

٥- صلاة الجنازة تفعل في أوقات النهي الطويلة، إجماعا، أي بعد طلوع الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروبها.

قال ابن قدامة رحمه الله: "أما الصلاة على الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس , وبعد العصر حتى تميل للغروب , فلا خلاف فيه , قال ابن المنذر: إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح.

وأما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر فلا يجوز.

(ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن , وأن نقبر فيهن موتانا) . وذكره للصلاة مقرونا بالدفن دليل على إرادة صلاة الجنازة. قال الأثرم: سألت أبا عبد الله [يعني: الإمام أحمد] عن الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس؟ قال: أما حين تطلع فما يعجبني. ثم ذكر حديث عقبة بن عامر. وقد روي عن جابر , وابن عمر نحو هذا القول , وذكره مالك في " الموطأ " عن ابن عمر. وقال الخطابي: هذا قول أكثر أهل العلم.

وإنما أبيحت بعد الصبح والعصر لأن مدتهما تطول , فالانتظار يخاف منه عليها , وهذه مدتها تقصر" انتهى من "المغني" (١/٤٢٥) باختصار وتصرف.

رابعا:

اختلف الفقهاء في بعض النوافل، هل يشرع فعلها في أوقات النهي أم لا، ومن ذلك اختلافهم في ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء، فمنهم من جوز فعلها في وقت النهي، وهو مذهب الشافعي رحمه الله واختاره جمع من العلماء، وهو الراجح، ومنهم من منع ذلك، ولم يفرق بين النفل المطلق، والنفل الذي يفعل لسبب خاص. وانظر جواب السؤال رقم (٣٠٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>