للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تقضى صلاة الضحى إذا خرج وقتها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل إذا فاتتني صلاة الضحى بعد الساعة الثانية عشرة ظهرا أقضيها حتى ولو بعد صلاة الظهر؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

وقت الصلاة الضحى من ارتفاع الشمس قدر رمح، وذلك بمضي ربع ساعة أو ثلث ساعة بعد طلوعها، إلى قبيل الزوال (والزوال هو دخول وقت صلاة الظهر) ، وقبيل الزوال ما بين عشر دقائق إلى خمس دقائق فقط، أي قبل دخول وقت النهي " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله" (١٤/٣٠٦) .

قال ابن مفلح رحمه الله: " ووقتها من خروج وقت النهي إلى الزوال , والمراد والله أعلم قبيل الزوال؛ للنهي " انتهى من "الفروع" (١/٥٦٧) .

ثانيا:

اختلف أهل العلم في قضاء صلاة الضحى إذا فات وقتها، فذهب بعضهم إلى أنها تقضى، وهو الصحيح عند الشافعية، وقال به بعض الحنابلة، وذهب آخرون إلى عدم قضائها، وهو قول الشافعي القديم، ومذهب الحنفية والمالكية.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٣/٥٣٢) : " قال أصحابنا: النوافل قسمان (أحدهما) غير مؤقت وإنما يفعل لعارض كالكسوف والاستسقاء وتحية المسجد , فهذا إذا فات لا يقضى (الثاني) مؤقت كالعيد والضحى والرواتب مع الفرائض كسنة الظهر وغيرها، فهذه فيها ثلاثة أقوال: الصحيح منها أنها يستحب قضاؤها , قال القاضي أبو الطيب وغيره: هذا القول هو المنصوص في الجديد.

والثاني: لا تقضى وهو نصه في القديم، وبه قال أبو حنيفة.

والثالث: ما استقلّ كالعيد والضحى قُضي، وما لا يستقل كالرواتب مع الفرائض فلا يقضى , وإذا [كانت] تقضى فالصحيح أنها تقضى أبدا. وحكى بعض أصحابنا قولاً ضعيفا أنه يقضي فائت النهار ما لم تغرب شمسه , وفائت الليل ما لم يطلع فجره , وعلى هذا تقضى سنة الفجر ما دام النهار باقيا ... وهذا الخلاف كله ضعيف والصحيح استحباب قضاء الجميع أبدا , ودليله قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) وحديث أبي قتادة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم فاته الصبح في السفر حتى طلعت الشمس فتوضأ ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة) رواه مسلم، والمراد بالسجدتين صلاة السنة الراتبة التي قبل الفجر. وحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال: (إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان الركعتان بعد العصر) رواه البخاري ومسلم، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما) رواه البيهقي بإسناد جيد , وعن أبى سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نام عن وتره أو نسيه فليصل إذا ذكره) رواه أبو داود بإسناد حسن ... وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) رواه مسلم ... وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرتها وفي هذا أبلغ كفاية , وبالله التوفيق " انتهى باختصار وتصرف يسير.

وقال المرداوي في "الإنصاف" (٢/١٩١) : " وقال الشيخ عبد القادر: له فعلها بعد الزوال , وإن أخرها حتى صلى الظهر قضاها ندبا – يعني استحباباً - " انتهى.

وصرح الحنفية بأن السنن إذا فاتت لا يقضى منها إلا سنة الفجر إذا فاتت مع الفرض، فإنها تقضى إلى الزوال. "الفتاوى الهندية" (١/١١٢) .

وإلى هذا ذهبت المالكية أيضا، فلا يقضى عندهم نفل سوى ركعتي الفجر، تقضى إلى الزوال، سواء كان معها الصبح أم لا. "بلغة السالك" (١/٤٠٨) .

وينظر: "الموسوعة الفقهية الكويتة" (٣٤/٣٧) .

واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول بأن صلاة الضحى لا تقضى إذا فات وقتها، فقد سئل رحمه الله: إذا فاتت سنة الضحى هل تقضى أم لا؟

فأجاب: " الضحى إذا فات محلها فاتت؛ لأن سنة الضحى مقيدة بهذا، لكن الرواتب لما كانت تابعة للمكتوبات صارت تقضى وكذلك الوتر لما ثبت في السنة (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذا غلبه النوم، أو المرض في الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة) . فالوتر يقضى أيضا " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (١٤/٣٠٥) .

والأمر في ذلك واسع، والحمد لله.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>