للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المستأجرون لا يدفعون له أجرة السكن لفقرهم فكيف يؤدي الزكاة

[السُّؤَالُ]

ـ[يوجد لدي عقارات مؤجرة في أرض الرباط فلسطين، والمستأجرون لا يدفعون لي الأجرة للسنة الثالثة على التوالي، وذلك لعدم وجود أعمال تكفي قوتهم اليومي بسبب الأوضاع المأساوية الراهنة التي نعيشها من منع تجول، وإغلاقات. . إلخ.

كما أنه لدي منزل فارغ غير مؤجر، هل يجب علي دفع زكاة المال عن العقارات مع عدم وجود دخل ثابت منها؟ أم يمكن تأجيل الزكاة لحين تحسن الأوضاع وتحصيل الأجرة من المستأجرين؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله تعالى لإخواننا في فلسطين وغيرها أن ينصرهم على عدوهم، وينزل السكينة عليهم، ويمكن لهم في الأرض.

وصبراً آهل فلسطين، وصبراً أيها المستضعفون، فإن نصر الله آت لا محالة، (فَإنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ) صحيح الجامع (٦٨٠٦) .

ومهما طال الليل فلا بد له من نهاية، ولا بد لضياء الفجر أن يبدد ظلام الليل.

ثانيا:

العقارات من أراضٍ وبيوت ومحلات وغيرها لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة، بمعنى أنه اشتراها ليتاجر فيها ببيعها وتحصيل الربح.

فالعقارات التي يؤجرها صاحبها لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول.

والنصاب هو ما يعادل ٨٥ جم من الذهب أو ٥٩٥ جم من الفضة.

انظر السؤال (٢٧٩٥) .

فإذا بلغت الأجرة التي لك عند المستأجرين قيمة نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول من حين بلوغها نصاباً فقد اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة في الدَّيْن على مُعْسِرٍ، على أقوال:

الأول: أنه لا تجب فيه الزكاة.

وهو قول قتادة وإسحاق وأبي ثور وابن حزم ورواية عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه غير مقدور على الانتفاع به.

انظر: "المحلى" (٤/٢٢١) ، "الإنصاف" (٣/١٨) ، "الاختيارات" (ص ٩٨) .

الثاني: يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين.

وهو قول الثوري وأبي عبيد ومذهب الشافعية والحنابلة. واحتجوا بقول علي رضي الله عنه في الدين المظنون، قال: إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه لما مضى. رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٧١١٦) . انظر: "المجموع" (٦/١٦) ، "المغني" (٢/٣٤٥) "الإنصاف" (٣/٢٢) .

الثالث: يزكيه إذا قبضه لعام واحد.

وهو قول عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي وهو مذهب مالك، كما في الموطأ (١/٢٥٣) حيث قال: " الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه، وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة "

وانظر: "الكافي" لابن عبد البر (١/٩٣) .

وهذا القول الثالث هو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (٩/١٩٠) حيث جاء فيها:

" وإن كان (يعني الدين) على غير مليء فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، وإن مضى عليه أكثر من سنة، وهذا رواية عن الإمام أحمد، وهو قول مالك، وأفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن وقال: وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله " انتهى.

ورجحه كذلك الشيخ ابن عثيمين، فقال:

" فإن كان الدين على معسر فإن الصحيح أن الزكاة لا تجب فيه؛ لأن صاحبه لا يملك المطالبة به شرعاً، فإن الله تعالى يقول: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى? مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) فهو حقيقة عاجز شرعاً عن ماله، فلا تجب عليه الزكاة فيه، لكن إذا قبضه فإنه يزكيه سنة واحدة فقط، وإن بقي في ذمة المدين عشر سنوات؛ لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض يزكى عند الحصول عليه، وقال بعض أهل العلم: لا يزكيه لما مضى، وإنما يبتدىء به حولاً من جديد، وما ذكرناه أحوط، وأبرأ للذمة أنه يزكيه عن سنة واحدة لما مضى، ثم يستأنف به حوله، والأمر في هذا سهل، وليس من الصعب على الإنسان أن يؤدي ربع العشر من دَيْنه الذي قبضه بعد أن يأس منه، فهذا من شكر نعمة الله عليه بتحصيله " انتهى. "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (١٨/٢٨) .

وخلاصة الجواب:

أن هذه العقارات التي عندك لا زكاة فيها، سواء التي تؤجرها أو التي هي فارغة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول، وهذا الأجرة التي لك عند المستأجرين إذا بلغت نصاباً فإنك تزكيها إذا قبضتها لسنة واحدة فقط، وإن مَرَّ عليها عدة سنوات.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>