للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعملون في جمعية خيرية ويشاركونها في أموالها بنسبة من الأرباح

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو منكم إفادتي بما يأتي: فريق من الإخوة قاموا بجمع التبرعات من الناس لجمعية معينة، وخيراتها، وتكون إدارة الجلسات، وإعدادها، وإخراج الإعلانات، والمالية، كلها من قبَل ذلك الفريق - كبيع مقاعد للمحاضرات الدينية مثلا -، وسيكون توزيع الربح من الأموال المجموعة كالتالي: ٥٠ % من الربح لإدارة الجلسات، و ٣٠ % منه للفريق، و ٢٠ % للجمعية، وإذا تمكن الفريق من بيع المقاعد، أو الكراسي المبينة أعلاه: فستكون ٥٠ % من التبرعات تعطى للجمعية، أو الفريق، على حسب عدد المقاعد، أو الكراسي المباعة! هل هذا التعامل جائز شرعاً لأن التبرعات التي تجمع من الحضور أو المشترين من أجل خيرات الجمعية؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

من أجلّ الطاعات وأنفعها للعبد: الاشتغال بالدعوة، والتعليم، ونشر للخير بين الناس، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/ ٣٣.

قال ابن كثير رحمه الله:

وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتدٍ.

" تفسير ابن كثير " (٧ / ١٧٩) .

فإقامة هذه الجمعيات وسيلة من الوسائل التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، من رعاية الفقراء، والمحتاجين، ودعوة، وتعليم، وتحفيظ لكتاب الله، وما شابه ذلك.

وحتى يتم الأجر والثواب على أكمل وجه - بإذن الله - لا بد أن يكون العمل خالصاً لله، كما قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً) النساء/ ١١٤.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية:

ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى، ويخلص العمل لله في كل وقت , وفي كل جزء من أجزاء الخير؛ ليحصل له بذلك الأجر العظيم، وليتعود الإخلاص، فيكون من المخلِصين، وليتم له الأجر.

"تفسير السعدي" (ص ٢٠٢) .

ومما يعين على الإخلاص، ويصحح النية: أن تكون الأعمال الخيرية ليست مقصداً لربح مادي، أو معنوي، للقائمين عليه، بل تكون الغاية - أولاً، وأخيراً - الأجر، والثواب من الله.

ولعل نجاح كثير من الأعمال الخيرية القائمة الآن، سببه: البعد عن المقصد المادي، والربح الدنيوي، ولعل - كذلك - من أسباب فشل كثير من المشاريع الخيرية: دخول حظ النفس الدنيوي , والذي يترتب عليه فشل المشروع , بل والشحناء، والبغضاء بين القائمين عليه.

ثانياً:

القائمون على هذه الجمعيات هم أمناء على ما يجمعونه من تبرعات وأموال لهذه الجمعيات، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا فيما حدده المتبرع بهذا المال، فإذا جعله في الصدقة على الفقراء أو تعليم العلم وجب إنفاقه فيما حدده.

وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

رجل فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها، ثم يأخذها هو، فما الحكم في هذا العمل؟

فأجاب:

"هذا محرَّم عليه، وهو خلاف الأمانة؛ لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل، يدفعه لغيره، وهو يأخذه لنفسه، وقد ذكر أهل العلم: أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وُكِّل فيه لنفسه، وعلى هذا: فإن الواجب على هذا الشخص أن يبيِّن لصاحبه: أن ما كان يأخذه من قبْل كان يصرفه لنفسه، فإن أجازه: فذاك، وإن لم يُجزْه: فإن عليه الضمان - أي: يضمن ما أخذ لنفسه - ليؤدي به الزكاة عن صاحبه" انتهى.

"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (١٨/٢٠٢) .

وانظر جواب السؤال رقم: (٤٩٨٩٩) .

وعلى هذا؛ فلا يجوز للقائمين على هذه الجمعية أن يستفيدوا مما يدفعه الناس من صدقات، وزكوات وتبرعات للجمعية لتحقيق نفع وربح مادي خاصٍّ بهم، ثم إنهم قد بالغوا في نسبة المشاركة حتى جعلوا حصتهم ٨٠ % فكيف يكون هذا مباحاً؟ والأموال التي بين أيديهم هي من تبرعات الناس للجمعية الخيرية، لا لهم.

فالواجب على القائمين على هذه الجمعية أن ينفقوا أموال المتبرعين فيما حدده المتبرعون.

والنصيحة لهم: أن يتعففوا عن هذا المال , وأن يقتصر أخذهم على الحد الأدنى من الحاجات الضرورية من مصاريف لإنجاح هذا العمل الخيري , وأن يُجعل الربح الحاصل في أعمال ومشاريع الجمعية الخيرية.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>