للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يقضى دين الميت من الزكاة

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي شخص وعليه دين، ولم يترك مالاً يسدد هذا الدين؛ فهل يجوز قضاء دينه من الزكاة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا شك أن قضاء الدين عن الميت أمر مشروع، وفيه إحسان إلى الميت.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام إذا أُتِي بالميت ليصلي عليه؛ سأل: هل عليه دين؟ فإن أُخبر أن عليه دينًا، لم يُصِلِّ عليه، وقال لأصحابه: (صلوا على صاحبكم) رواه البخاري (٢٢٩٥) .

فلما وسع الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، صار يتحمل الدين عن الميت الذي ليس له وفاء، ويصلي عليه، فقد جاء في البخاري (٢٢٩٧) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ) ، فدل هذا على مشروعية قضاء الدين عن الميت.

ثانياً:

اختلف العلماء في جواز قضاء دين الميت من الزكاة، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقضى دين الميت من الزكاة، وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وانظر "مجموع الفتاوى" (٢٥/٨٠) .

وذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يقضى دين الميت من الزكاة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٢/٢٨١) : " قَالَ الإمام أَحْمَدَ لا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ الزَّكَاةِ دَيْنُ الْمَيِّتِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ ; لِأَنَّ الْغَارِمَ هُوَ الْمَيِّتُ وَلَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ إلَيْهِ , وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَرِيمِهِ صَارَ الدَّفْعُ إلَى الْغَرِيمِ لَا إلَى الْغَارِمِ " انتهى.

وقال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (٢/٣٢٠) : " الأصح الأشهر أنه لا يقضى دين الميت من سهم الغارمين " انتهى بتصرف.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شخص توفي وعليه دين، وليس وراءه من يستطيع سداده، فهل يجوز أن يسدد هذا الدين من الزكاة؟

فأجاب: " لا يجوز أن يسدد دين الميت من الزكاة، ولكن إذا كان قد أخذه بنية الوفاء فإن الله يؤديه عنه " انتهى."مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٨/٣٧٧) .

وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (٦/٢٣٦) : " لا يقضى دين الميت من الزكاة لأمور ثلاثة:

أولاً: أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين.

ثانياً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين فيسأل صلّى الله عليه وسلّم هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه وإن قالوا: له وفاء، صلى عليه، فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً لفعله صلّى الله عليه وسلّم.

ثالثاً: أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء؛ لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات " انتهى بتصرف.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>